في ساعات معدودة كان جميع المشتبه بهم معتقلين، وكان قواد فرق الجيش قد قبضوا على ناصية الحال، وجعلت كتل الشعب تتبدد إلى أن انطفأت الثورة تماما واستتب النظام.
ثم انعقد مجلس الملك من بعلزبول وفينوموس وجستوس وانفنتورس وبعض كبار الرجماء لدرس الحالة، وقدم جستوس تقريره الموجز وهذا نصه:
مولاي! خلاصة ما تحققته: أن جمال الحسناء المدعوة القديسة جوكوندا التي تدلت إلى جهنم على عاتق الرجيم أرجنتوس لبث الدعوة إلى التوبة؛ ذلك الجمال الرائع أحدث فتنة أفضت إلى الثورة ...
فقاطعة الرئيس بعلزبول: أعلى منكب أرجنتوس المكار تدلت؟ - نعم يا مولاي! وكان ذلك الجمال مخدرا لدماغ أرجنتوس فصعقه. - عجبا! كيف يمكن أن يصعقه؟ - الجمال البشري المقدس سحر يا مولاي! وأنت تعلم أنه متى سطا على دماغ خبله. - ولكن السحر من اختراعنا - نحن الشياطين - فكيف يخبل شيطانا رجيما؟ - إن سحر الجمال البشري يا سيدي أقوى من السحر الشيطاني جدا - وقاك الله منه - لذلك خبل جمال الحسناء القديسة عقل أرجنتوس حتى أنساه كل شيء. - ماذا أنساه؟ - أنساه أن في جهنم ملكا رئيسا. - ويحك ما الذي دلك على نسيانه هذا؟ - زينت له نفسه المفتونة بذلك الجمال أن تلك الحسناء الملقبة بملكة الجمال هي ملكة جهنم، وأنه هو الذي تلقاها من العلى إلى الدرك الأسفل فجدير بأن يكون إلى جنبها.
فصاح بعلزبول: ماذا؟ - ملكا. - ويحه! ادعه إلى هنا حالا لكي يقطع رأسه. - حلمك يا مولاي! تظلمه لأنه لم يدع تلك الجدارة إلا لأنه تحت تأثير ذلك السحر، فهو معذور ومستحق عفوك، وإلا فليس لنا أرجنتوس آخر يقوم مقامه.
فقال بعلزبول متجهما تغيظا: آتوني بتلك الساحرة التي فتنت جهنم لكي أقطع شأفة فتنتها.
فاضطربت فينوموس وقالت: حاذر يا سيدي أن تستحضرها إلى هنا؛ إني أشفق من سحر فتنتها عليك أن يخبلك، الأفضل أن تطردها.
فقال بعلزبول ساخطا: ليس لسحر علي تأثير، يجب أن يؤتى بها إلي الآن.
فقالت فينوموس: إن للسحر الأرضي البشري تأثيرا هائلا، لا يعد السحر الجهنمي إلى جانبه إلا خزعبلة. - وا عجباه! تزيدونني رغبة بمشاهدتها، أود أن أراها ولو لمحة.
فقالت له بصوت خافت: هذا يستحيل، إذا كنت تجازف بعرشك فأنا لا أجازف به، إن رؤيتها تفقدك شخصيتك في الحال، فاسمح لي أن أطردها في الحال طردا لبقا. - بل يجب أن أقطع عنقها. - ويك أن هذا الوعيد فاتحة الخبل يا عزيزي، كأن مجرد ذكرها أثر بعقلك. - أبدا كيف؟! - أنسيت أنها إنسانة قديسة يحرسها ملائكة الله، فإذا قطعت عنقها أنبت الله لها ألف وجه جميل، وكل وجه منها يحدث فتنة في جهنم لا نستطيع إخمادها، فأذن لي أن أصرفها بسلام لئلا يشدد الله علينا نكير العذاب.
نامعلوم صفحہ