2
وكان أرجنتوس يسمع مفكرا إلى أن قال: من هم جنود الثورة الذين تعتمد عليهم؟ - كثيرون مثل: نيرون، وأتيلا، وكليوبترا، وتيودورا، ومازرين، ونابوليون ... إلخ. - حسن، إذن أترقب نجاح الثورة، فأظهر حينئذ في صف القيادة. - اتفقنا. •••
وافترق رسبوتين عن أرجنتوس، وما عتم أن التقى بفيرومارس، فحياه باشا وهو يقول: السلام على دكتاتور جهنم العظيم.
فتعجرف فيرومارس معرضا صدره مصعرا خده وقال: لماذا الدكتاتورية؟! - لأن مظاهرة اليوم تنذر بثورة تتمخض عن دكتاتورية. - لكن رشاشا من دهاء فينوموس أطفأها قبل اندلاع لهيبها. - لا تصدق أن نفسية الشعب المتقدة يطفئها دهاء، الشعب متنور وسيدنا رجعي، الشعب يطلب حكما ديموقراطيا وسيدنا يراوغ، الشعب يثور وأنت تقمع الثورة، لا بالسلاح بل بالحكم بين العرش والشعب، وإذا بك ترى نفسك ديكتاتورا.
فضحك فيرومارس وقال: أنبي أنت؟! - نعم، ونبوءتي صادقة، غدا تستل سيف الحكم أيها الدكتاتور العظيم، وإذا احتجت إلى مشورتي تجدني إلى جنبك، ولكن القوم يتحدثون الآن بحفلة توبة لأن الله سيقبلها بشفاعة القديسة جوكوندا. عندي الخبر اليقين، والحفلة بدء الثورة؛ لأن قبول التوبة مستحيل ما دام سيدنا ... وبقية الكلام عندك، السلام عليكم.
وما ولي رسبوتين ظهره حتى أمسك فيرومارس بثوبه قائلا: ويحك! ما هي بقية الكلام؟ - تأهب للقبض على الزمام غدا، اسمح لي، علي مقابلة هامة الآن للقديسة جوكوندا؛ لأجل ترتيب برنامج حفلة التوبة، إلى اللقاء.
الفصل الحادي عشر
لم تمهل العاصفة السفينة إلى أن تصل إلى الشاطئ، وكذا لم تمهل الثورة حفلة التوبة إلى أن تنعقد.
في اليوم التالي زحف موكب الشعب بقضه وقضيضه، وراياته تخفق فوقه وقد كتب عليها على أساليب مختلفة الكلمات الفخمة: الدستور، الديموقراطية، البرلمان، الجمهورية، الحكم الذاتي، اللامركزية، الحرية، المساواة، الإخاء، الاتحاد، إلى غير ذلك مما اخترعه قادة الأمم على الأرض لإثارة الغوغاء أو الرجماء.
وكانت الهتافات المتوالية تناسب هذه الكلمات، وازدحمت الجموع في الميادين والشوارع وفي ميدان قصر البعلزبولي، فاضطرب بعلزبول وفينوموس، ولا سيما إذ لم يجدا حولهما من الرجماء كبار الدولة إلا النزر اليسير يأتون بأخبار متناقضة وآراء متضاربة، ويعودون بحجة السعي إلى إخماد الهياج حتى كادا يقنطان من تفريج الأزمة.
نامعلوم صفحہ