بعلزبول: مظاهرة! حفاوة بأبطالنا؟ هتاف لهم؟
انفنتوروس: أظنها مظاهرة تذمر وشكايات، يا ذا الجبروت. - تذمر وشكايات! لماذا؟! - لا أدري تمام الدراية بالحقيقة، وإنما سمعت لغطا بأن الحرب الكبرى كانت فشلا.
فقال فيرومارس: إذن كانت اختراعاتك يا انفنتوروس نكبة لنا لا لأهل الملكوت.
فقال انفنتوروس: ألا تخبرنا ماذا كانت قيادتك لبني البشر في الحرب.
فصاح بعلزبول: صمتا يا خبيثان، أخلافكما أعالج الآن أم هذه المظاهرة المقلقة؟ هل لك يا ميديوموس أن تقابل هؤلاء المتظاهرين وتصدهم بالتي هي أحسن؟
فقال ميديوموس: من يستطيع يا مولاي أن يقف في سبيل السيل العرم؟ - لعل أوجستوس يستطيع أن يصرف هذا السيل في أقنية يمينا وشمالا حتى لا يصل إلينا إلا نزيز منه.
فقال أرجنتوس: لا يمكن حفر الأقنية في حالة الفيضان يا مولاي، إني أرى فيضانا متدفقا.
فالتفت بعلزبول إلى يمينه مكفهر الوجه كأنه يسترشد بدهاء عقيلته فينوموس، فنظرت فيه باسمة : لا تخف يا عزيزي دع السيل يتدفق في مجراه ولا تعترضه، لقد اصطنعت سفينة نركب فيها متن هذا الطوفان، إني أحسب حساب هوج الشعب في حالة هياجه، فمهما كان الفرد متعقلا فالجمهور أرعن، مهما تلاطمت الأمواج، فلا تتحطم السفينة إذا كانت بعيدة عن صخور الشواطئ، هلم نقابل الشعب قبل أن يصل إلى هنا. - ويحك! أتريدين أن نوقد ثورة جنونية بتهجمنا عليه. - لا نتهجم عليه بل نشترك معه بالمظاهرة. - سياسة هوجاء لا أفهمها. - لم يبق وقت للجدال، هلموا اتبعوني في الحال؛ فإني لكم قائدة في هذه المباغتة، هلموا.
ونزلت فينوموس عن عرشها ومشت نحو الجمع القادم، فلم يسع بعلزبول إلا أن يسير إلى جنبها، ولم يسع الرجماء إلا أن يتبعوهما.
وفي بضع دقائق لم يبق بين الجمع المتظاهر والجماعة المستقبلة إلا مسافة سمع الهتافات، فإذا جميع المتظاهرين يهتف: لتسقط الوزارة، لتسقط دولة الرجماء، لتحي الديموقراطية، لتحي الجمهورية، لتسقط الدكتاتورية.
نامعلوم صفحہ