ولهذا يرجح المؤرخون أن اليونان نقلوا حروفهم من البلاد العربية جميعا ولم يقتبسوها كلها دفعة واحدة من الفينيقيين، ويرى من كتاب خيرشوف
Kirchoff
عن الأبجدية اليونانية أن حروف الجيم واللام والسين
Γ.Λ.Σ.
أقرب إلى حروف المسند، أي الحروف اليمنية في الجنوب، منها إلى الحروف الفينيقية أو حروف النبط في الشمال.
وقد يعزى الاقتباس إلى رواد الرحلات من اليونان في بلاد «العربية السعيدة» أو بلاد اليمن كما عرفوها، ومن الباحثين من يرجع بها إلى عهد سابق لعهد الرحلات اليونانية بزمن طويل ... ويخطر لهؤلاء الباحثين أنها أثر من آثار حضارة عربية موغلة في القدم وصلت إلى بلاد اليونان، كما وصلت الحضارة العربية إلى الأندلس في الأزمنة الحديثة بعد الميلاد.
يقول مرجليوت في الصفحة الحادية عشرة من كتابه عن الصلات بين العرب وبني إسرائيل:
يرد على الخاطر سؤال عن أسماء المواقع التي تظهر على خريطة اليونان القديمة كعسكرا: أي المعسكر، وفندس: أي الجبل من الفند وهو الجبل العظيم باللغة العربية، ولاريسا: أي العريش أو الخيمة، إلى أمثال هذه الأسماء التي تشبه أسماء المواقع في الأندلس بعد الفتح الإسلامي، فيبادر إلينا السؤال: ألا تشير هذه الأسماء إلى حضارة عربية عريقة وصلت إلى اليونان ومعها حروف الأبجدية قبل أن يصل إليها الفينيقيون بحروف تخالفها؟!
وليس هذا الاحتمال ببعيد؛ لأن آثار الكتابة العربية شوهدت في جزر الأرخبيل بحروف عربية على غير رسم الحروف الفينيقية، ولأن تاريخ الاحتلال الفينيقي لبلاد اليونان - على قدمه - يدل على سبق الهجرة إليها من البلاد الشرقية، كما يدل على تتابع الهجرة قبل ذلك من الناحية الآسيوية، حيث وصلت.
وكيفما اختلفت الأقوال عن مصادر النقل والاقتباس فلا خلاف في أمرين: أحدهما أن الأبجدية اليونانية منقولة عن أبجدية سبقتها، وأن هذه الأبجدية السابقة هي الأبجدية العربية التي تدل عليها ألفاظ حروفها وأشكالها ومعانيها.
نامعلوم صفحہ