قال: مررت بكناس يكنس كنيفا وهو يغني ويقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فقلت له أما سداد الثغر فلا علم لنا كيف أنت فيه وأما سداد الكنف فمعلوم. قال الأصمعي: وكنت حديث السن فأردت العبث به فأعرض عني مليا ثم أقبل علي وأنشد:
وأكرم نفسي إنني إن أهنتها ... وحقك لم تكرم على أحد بعدي
فقلت وأي كرامة حصلت لها منك وما يكون من الهوان أكثر مما أهنتها به. فقال: بل لا والله من الهوان ما هو أكثر وأعظم مما أنا فيه، فقلت له: وما هو فقال الحاجة إليك وإلى أمثالك، فقال: فانصرفت وأنا أخزي الناس ذكرت بقول الكناس غريم الأصمعي ما يضارع ذلك أعني قوله:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
قيل: إنه كان لأبي حنيفة رضي الله عنه جار إسكاف بالكوفة يعمل نهاره أجمع فإذا جنه الليل، رجع إلى منزله بلحم وسمك فيطبخ اللحم ويشوي السمك فإذا دب فيه السكر أنشد:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
ولا يزال يشرب ويردد البيت إلى أن يغلبه
صفحہ 33