{ أن الله يعلم ما فى السماوات وما فى الأرض وأن الله بكل شئ عليم } تعميم بكل شئ بعد تخصيص بما فى السماوات وما فى الأرض تعلم صفات الله بأفعاله لاتقائها فنعلم بشرعه الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها، وجلب المنافع المترتبة عليها؛ لأنه حكيم كامل العلم والقدرة؛ وقيل: المراد بكل شئ الأمور المتعلقة بما فى السماوات والأرض.
[5.98]
{ اعلموا أن الله شديد العقاب } لعصاته لمصرين. { وأن الله غفور رحيم } للمطيعين والتائبين، قال صلى الله عليه وسلم:
" لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع فى الجنة، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة ".
[5.99]
{ ما على الرسول } محمد { إلا البلاغ } إلا تحصيل البلاغ، أو اسم للإبلاغ كالعطاء بمعنى الإعطاء، هو قضى ما عليه فلم يبق إلا إثابة المطيع وعقاب العاصي، ولا عذر للعاصى بعد التبليغ { والله يعلم ما تبدون } من الفعل واعتقاد وتصديق وتكذيب { وما تكتمون } من ذلك، فتثابون على الطاعة من ذلك وتعاقبون على المعصية.
[5.100]
{ قل لا يستوى الخبيث } من المكلفين والأعمال والأقوال والاعتقادات والأموال { والطيب } من هؤلاء، ودخل في ذلك المؤمن والكافر والحلال من الأموال والحرام { ولو أعجبك } سرك أيها الدنيوى المطلق، وليس خطابا للنبى صلى الله عليه وسلم، وقيل له والمراد أمته { كثرة الخبيث } لأن العبرة بالجودة ولو مع قلة، لا الخبث ولو مع كثرة، والجملة قبل لو أغنت عن جوابه، والواو عاطفة على محذوف، أى لو لم تعجبك كثرة الخبيث ولو أعجبتك، وللحال فيفهم حكم عدم الإعجاب بالأولى فانه إذا لم يستويا مع الإعجاب فكيف إذا انتفى الإعجاب، ويدل على أن الكاف للعموم البدلى قوله تعالى: { فاتقوا الله } بترك الخبيث وفعل الطاعة { يا أولى الألباب } العقول الخالصة، ومن التقوى ترك التعرض للحاج ولو مشركا بالقتل والغنم، كما روى أنهم أرادوا قتل قوم مشركين من أهل اليمامة جاءوا إلى الحج بتجارة عظيمة فنزلت الآية، وقيل: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مال جمعه من تجره فى الخمر هل ينفعني إن عملت فيه بطاعة الله عز وجل؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
" لو أنفقته في حج أو جهاد لم يعدل جناح بعوضة، إن الله لا يقبل إلا الطيب "
، فنزل قول الله تعالى { قل لا يستوى الخبيث } إلخ، ولعل الرجل اتجر بها بعد تحريمها جهالة أو عمدا وهو موحد. وقيل الأمر ذلك، ولو اتجر بها قبل إسلامه فيكون حجة على تحريم ما وجد من ثمن الخمر سابق على التوحيد { لعلكم تفلحون } ولا فلاح إلا بالتقوى.
نامعلوم صفحہ