، جاءه جبريل بهذا التقسيم فى أصحاب أبى بردة، ةالآية نزلت فى العرنيين نسبة إلى عرينه قبيلة من العرب جاءوا المدينة وأظهروا الإسلام وهم مرضى فأذن لهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها وهم ثمانية والإبل خمسة عشر فلما صحوا قتلوا راعى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يسار النوبى، واستاقوا الإبل فبعث النبى صلى الله عليه وسلم عشرين فارسا منهم كرز بن جابر الفهرى أميرا فجاءوا بهم فأمر بهم فسملت أعينهم وقطعت أيديهم وتركوا فى الحرة يعضون الحجارة ويستسقون ولا يسقون، فعل بهم ذلك ونزلت الآية بعد فعله. وسمل الأعين إحماء حديد وكحلها به، وهذا قبل تحريم المثلة أو لأنهم سملوا عين الراعى { أو ينفوا من الأرض } يطالبهم الإمام بالنكال أو التعزير إن أخافوا ابن السبيل ولم يأخذوا مالا ولا قتلوا ولا هربوا حتى لا يأمنوا فى موضع يجرى فيه حكمه، وشبهت المطالبة بالنفى لأنه يخرج بها عن الأرض التى يفسد فيها أرضا لهم أو لغيرهم وإن قبض عليهم قبل الهروب أو بعده نكلهم أو عزرهم، وكذلك يطالب من أخذ مالا أو قتل أو جمع بينهما حتى يقبض عليه فينفذ فيه تلك الأحكام، وهذا مذهبنا، وقالت الشافعية: ينفون من كل بلد يدخلونه حتى لا يجدوا إقرارا بلا ضرب إن قبض عليهم، ومنهم من قال: ينفى أربعة برد عن وطنه ليستوحش فصاعدا، وألحق بعض الشافعية بالنفى ما ينزجرون به من ضرب أو حبس، وقال أبو حنيفة: يمنعون من التصوف فى الأرض حيث شاءوا بالحبس كما قال محبوس فى مكان ضيق وطال حبسه:
خرجنا من الدنيا وعن وصل أهلها
فلسنا من الأحيا ولسنا من الموتى
إذا جاءنا السجان يوما لحاجة
عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا
وقال مالك إن الإمام مخير فى هؤلاء كلهم بظاهر الآية لأن المراد الزجر فبأى ينزجر الناس به يحكم فقد لا ينزجر الحى بقتل من قتل وقد ينزجر بنفيه، وقد ينزجرون بالقتل أو بالقطع وهو مروى عن الحسن البصرى والنخعى، وما ذكرته أولى لأن القتل يوجب القصاص فغلظ هنا بأن لا يسقط ولو أسقطه الولى، فهو حد والسرقة توجب القطع فغلظ هنا بالقطع من خلاف وإن قتل وأخذ مالا غلظ بالتصليب، والإخافة أخف فخفف بالتعزير أو النكال أو بالنفى على ظاهره أو الحبس، وقيل أو فى الآية تخيير للإمام بين تلك الأحكام كلها فى كل قاطع وإن أراد ولى الدم العفو عن قاطع الطريق وزاحمه الإمام فإن شاء قتل وإن شاء أمر الولى بالقتل، ولا يسقط القتل بالعفو عن قاطع الطريق وإنما يسقط بعفو الولى فى غير القاطع وللولى الدية فى مال القاطع { ذلك } الجزاء المذكور فى قوله إنما جزاء { لهم } خبر واللام للاستحقاق أى هو لائق بهم { خزى } خبر ثان أو خبر ولهم حال من خزى أى ذل وفضيحة { فى الدنيا } والحصر فى إنما جزاء بالاضافة إلى الدنيا وأما الآخرة ففى قوله { ولهم فىالآخرة عذاب عظيم } النار لعظم ذنوبهم من إضرار الناس ولا سيما ما معه شرك، ولم يسم الأول الذى فى الدنيا عذابا لأنه بالنسبة إلى عذاب الآخرة كلا عذاب، أو لأنه تحقير كما حقروا الناس والجزاء من جنس العمل، ولأنه زجر للناس عن فعلهم.
[5.34]
{ إلا الذين تابوا } من محاربة الله ورسوله والسعى فسادا { من قبل أن تقدروا عليهم } فأسقطوا عنهم ما كان حقا لله من تصليب وقطع من خلاف وقتل حدا أو نفى من الأرض فلا يقتلون حدا، فإن شاء ولى الدم قتل قصاصا أو أخذ الدية أو عفا وله القصاص فيما دون القتل أو الأرش وله أخذ ما أفسد من ماله أو أخذ { فاعلموا أن الله غفور رحيم } من شأنه الغفران والرحمة، فدخلوا فى ذلك وإن تابوا بعد القبض عليهم لم يسقط عنهم ذلك إلا المشرك فيسقط عنه بالتوحيد ولو وحد بعد القدرة عليه، ولا يطالب بمال ولا نفس وقيل لا يطالب الموحد بمال ولا نفس إن تاب قبل القدرة عليه إلا إن وجد مال بعينه لمعلوم وبهذا حكم على فى حارثة بن بدر إذ خرج محاربا مفسدا وتاب قبل القدرة وقبل توبته وكتب له الأمان وبه قال السدى، وإن تاب المشرك قبل القدرة عليه عن السعى فسادا ولم يوحد لم يحكم عليه بتلك الأحكام المذكورة فى الآية بل يحكم عليه بما استحقه من جزية أو قتل أو إنذار إن لم يبلغه فلا تدل الآية بقيد القبلية على أنها فى الموحدين من حيث إن الموحد يدفع عنه توحيده القتل مطلقا، والغفران يعم عدم الجزاء فتلك الأحكام فى الدنيا والرحمة تعمه دنيا، أوهما له فى الآخرة إن تاب عن ذلك ووحد ولو وحد قبل القدرة ولم يتب عن ذلك السعى فهو كغيره من القطاع إن عاود السعى بعد التوحيد، ثم المفهوم إذا كان فيه تفصيل لا ينقص عموم الكلام .
[5.35]
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } احذروا عقابه بترك موجبه وهو الكبائر. { وابتغوا إليه } اطلبوا، ضمن ابتغوا معنى توجهوا فعدى بإلى أو معناه باق فيتعلق بقوله { الوسيلة } لأنه اسم مفعول فليس مصدرا فلم يمنع تقدم معموله عليه لكن تكون أل موصولة فتمنع التقدم فالأولى أنه حال أو يبقى مصدرا فيعلق به ما قدم عليه لأنه ليس منحلا إلى الفعل وحرف المصدر، أو يعلق بما بعد الموصول لأنه غير مفعول صريح والحروف يتوسع فيها، والمعنى الخصلة الموصول بها إليه، أى المتوصل به إليه أو الأمر الموسول به إليه، وعلى هذا فالتاء للنقل، وهى طاعته ولا تفسير فى الآية بالدرجة المخصوصة التى قال فيها صلى الله عليه وسلم
نامعلوم صفحہ