435

تيسیر العزیز الحمید فی شرح کتاب التوحید

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

ایڈیٹر

زهير الشاويش

ناشر

المكتب الاسلامي،بيروت

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

پبلشر کا مقام

دمشق

يريد، وأنه المحرك للقلب المصرف له كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم انتهى. فهذا الخوف الثاني هو من خوف المكر.
إذا علمت هذا، فمعنى الآية المترجم لها أن الله ﵎ لما ذكر حال أهل القرى المكذبين للرسل، بين أن الذي حملهم على ذلك هو الأمن من عذاب الله، وعدم الخوف منه، كما قال: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ ١ ثم بين أن ذلك بسبب الجهل والغرة بالله، فأمنوا مكره فيما ابتلاهم به من السراء والضراء، بأن يكون استدراجًا، فقال: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ٢. أي: الهالكون. فدل على وجوب الخوف من مكر الله. قال الحسن: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له، ومن قتر عليه، فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له. وقال قتادة: بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سلوتهم وغرتهم ونعمتهم. فلا تغتروا بالله إنه لا يغتر به إلا القوم الفاسقون.
رواهما ابن أبي حاتم. وفي الحديث: "إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب; فإنما هو استدراج" ٣. رواه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم. وقال إسماعيل بن رافع: من الأمن من مكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة. رواه ابن أبي حاتم.
قال: وقوله: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ﴾ ٤.
نبه المصنف ﵀ بهذه الآية على الجمع بين الرجاء والخوف، فإذا خاف فلا يقنط من رحمة الله، بل يرجوها مع العمل الصالح. كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ٥. فذكر سبحانه

١ سورة الأعراف آية: ٩٧-٩٨.
٢ سورة الأعراف آية: ٩٩.
٣ أحمد (٤/١٤٥) .
٤ سورة الحجر آية: ٥٦.
٥ سورة البقرة آية: ٢١٨.

1 / 437