100

کتاب التوابین

كتاب التوابين

ناشر

دار ابن حزم

ایڈیشن

الأولى ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م

علاقے
شام
سلطنتیں
ایوبی سلطنت
الأَبَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَطْرُدُ بِكَ إِلَى بَابِ الرَّبِّ نَائِمًا وَيَقْظَانَ وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْصَرِفَ بِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَيَكُونُ آخِرُ الْعَهْدِ وَمُنْقَطَعُ الرَّجَاءِ.
قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَى الْبِلادَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَقْدَمَكَ؟ قَالَ: خَلَعْتَ قَلْبِي بِكِتَابِكَ لا وَلَيْتُ لَكَ وِلايَةً حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: زِدْنِي - رَحِمَكَ اللَّهُ -.
قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ الْمُصْطَفَى ﷺ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَهُ: أَمِّرْنِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ النَّبِيِّ نَفْسٌ تُنَجِّيهَا خَيْرٌ مِنْ إِمَارَةٍ لا تُحْصِيهَا إِنَّ الإِمَارَةَ حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا تتأمرن على أحد فافعل". [البخاري ٤١٤٨، مسلم ١٨٢٦]
قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: زِدْنِي - رَحِمَكَ اللَّهُ -.
قَالَ: يَا حَسَنَ الْوَجْهِ أَنْتَ الَّذِي يَسْأَلُكَ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ النَّارِ فَافْعَلْ وَإِيَّاكَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِي وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَصْبَحَ لَهُمْ غَاشًّا لم يرح رائحة الجنة". [البخاري ٧١٥١، مسلم ١٤٢، أحمد ٥/٢٥] .
فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ فَالْوَيْلُ لِي إِنْ سَاءَلَنِي وَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي وَالْوَيْلُ لِي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي.
قَالَ: فَقَالَ: إِنَّمَا أَعْنِي مِنْ دَيْنِ الْعِبَادِ.
قَالَ: إِنَّ رَبِّي لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُصَدِّقَ وَعْدَهُ وَأُطِيعَ أَمْرَهُ فَقَالَ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ الذاريات: ٥٦ – ٥٨] .
فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ خُذْهَا فَأَنْفِقْهَا وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى النَّجَاةِ وَأَنْتَ تُكَافِينِي بِمِثْلِ هَذَا؟ - سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ - ثُمَّ صَمَتَ فَلَمْ يُكَلِّمْنَا.
فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا أَنْ صِرْنَا عَلَى الْبَابِ قَالَ لِي هَارُونُ: يَا عَبَّاسِيُّ! إِذَا دَلَلْتَنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلَ هَذَا هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ.
قَالَ غَيْرُ أَبِي عُمَرَ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: يَا هَذَا قَدْ تَرَى سُوءَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ تَفَرَّجْنَا بِهِ؟! قَالَ: مِثْلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ فَلَمَّا كَبِرَ نَحَرُوهُ وَأَكَلُوا لَحْمَهُ.

1 / 104