المعاناة (١)، وسقام مستلذ وعلة مشتهاة لا يود سليهما البرء ولا يتمنى عليلها الإفاقة؛ يزين للمرء ما كان يأنف منه، ويسهل عليه ما كان يصعب عنده حتى يحيل الطبائع المركبة والجبلة المخلوقة، وسيأتي كل ذلك مخلصًا في بابه إن شاء الله.
خبر: ولقد علمت فتى من بعض معارفي قد وحل في الحب وتورط في حبائله، وأضر به الوجد، وأنصبه (٢) الدنف، وما كانت نفسه تطيب دعاؤه إلا بالوصل والتمكن ممن يحب، على عظيم بلائه وطويل همه، فما الظن بسقيم لا يريد فقد سقمه ولقد جالسته يومًا فرأيت من إكبابه وسوء حاله وإطراقه ما ساءني، فقلت له في بعض قولي: " فرج الله عنك " فلقد رأيت أثر الكراهية في وجهه؛ وفي مثله أقول من كلمة طويلة: [من البسيط] وأستلذ بلائي فيك يا أملي ... ولست عنك مدى الأيام انصرف إن قيل لي تتسلى عن مودته ... فما جوابي إلا اللام والألف خبر: وهذه الصفات مخالفة لما أخبرني به عن نفسه أبو بكر محمد بن قاسم بن محمد القرشي المعروف بالشبانسي (٣)، من ولد الإمام هشام
_________
(١) في طبعة بتروف وغيرها: المعاملة؛ وما أثبته هو قراءة برشيه.
(٢) هذه هي قراءة برشيه؛ وفي مختلف الطبعات: " وأنضحه الدنف " وليس في معاني لفظ " أنضح " ما يمكن توجيهه نحو هذا المعنى.
(٣) محمد بن قاسم بن محمد بن اسماعيل بن هشام بن محمد بن هشام بن الوليد بن هشام الرضى بن عبد الرحمن بن معاوية القرشي المرواني المعروف بالشبانسي، كان عالمًا بالآداب متقدمًا في البلاغة والكتابة، استقر بعد الفتنة بطليطلة كاتبًا للرسائل بها، وتوفي سنة ٤٤٧ (التكملة ١: ٣٨٩) ولأبيه القاسم بن محمد الشبانسي ترجمة في الجذوة: (٣١٠) والبغية رقم: ١٢٩٦ وكان الأب أيضًا أديبًا شاعرًا، سجن في أيام المنصور فكتب إليه بقصيدة يستعطفه فيها فرق له وأطلقه؛ ولأخيه عبد الرحمن ترجمة في التكملة رقم: ١٥٤٩؛ وقد تصحفت كلمة " الشبانسي " في طبعات الطوق وتنبه لها غرسيه غومس (انظر ترجمته للطوق: ١٠٣ الحاشية رقم: ٢) .
1 / 101