منهج ابن الخباز في «توجيه اللمع»
لقد ألمح ابن الخباز في مقدمة كتابه «توجيه اللمع» إلى بعض خصائص منهجه حين قال في شأن كتابه هذا: فضمنت لهم إملاء مختصرًا أقتصر به على توجيه مسائله وتبليغ وسائله، وكلما مررت ببيت ذكرت إعرابه، أو بلفظ لغوي جليته تجلية تزيل استغرابه، ونحن في هذا المجال نبرز أهم السمات المنهجية التي وضحت في كتابه، فنقول:
١ - التقسيمات:
إن القارئ لكتاب «توجيه اللمع» ليدرك بوضوح مدى حرص ابن الخباز وولعه بتقسيم الفكرة نظرًا لاعتبار معين فلا يكاد يخلو منها باب من أبواب كتابه، وهو يفعل ذلك سواء بالنسبة للمسائل العامة، أو بالنسبة لتفريعاتها وإليك بعض النماذج التي توضح لنا هذه الناحية.
قال ابن الخباز (باب معرفة الأسماء المرفوعة): وانقسم المرفوع إلى هذه الأقسام الخمسة، لأن عامل الرفع لا يخلو من أن يكون معنويًا أو لفظيًا، فإن كان معنويًا: فهو عامل الابتداء والخبر، وإن كان لفظيًا: لم يخل من أن يكون فعلًا أو حرفًا، فإن كان فعلًا: لم يخل من أن يكون حقيقيًا أو غير حقيقي، فإن كان حقيقيًا: لم يخل من أن يكون مسمى الفاعل أو غير مسمى الفاعل، فإن كان مسمى الفاعل: فالمرفوع به فاعل، وإن لم يكن مسمى الفاعل: فالمرفوع به مفعول لم يسم فاعله، وإن كان غير حقيقي: فهو باب (كان وأخواتها) والمرفوع به مشبه بالفاعل وإن حرفًا فهو (باب إن وأخواتها) والمرفوع به مشبه بالفاعل أيضًا.
وقال (باب خبر المبتدأ): وإذا أردت الإخبار عن المبتدأ بالظرف نشأ للمبتدأ تقسيم إلى الجثة والحدث، فالجثة: الجسم كزيد وفرس وحجر، والحدث: المصدر كالقيام والقعود والأكل والشرب، وإنما انقسم المبتدأ إلى هذين مع الظرف، لأن حكمهما مختلف مع الأخبار بالظرف.
وغير ذلك كثير من نماذج التقسيم التي انتشرت في ثنايا كتابه، وهذا يدل على أنه
1 / 38