393

تاویلات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

اصناف

[الأعراف: 172]، أقررنا بالربوبية والوحدانية، { والرسول } [آل عمران: 172]، فأجابوه بقبول دعوة أتباعه في أخذ ما أتاهم وانتهاء ما نهاهم عنه، { من بعد مآ أصابهم القرح } [آل عمران: 172]؛ أي: جراحة المفارقة من حظائر القدس وجوار رب العالمين، فإن الخلائق استجابوا لله عامتهم إذ

قالوا بلى

[الأعراف: 172]، قيل: أصابهم قرح المفارقة من تلك الحضرة، وما استجاب للرسول من بعد ما أصابهم قرح المفارقة، إلا خواصهم وهم الذين اتقوا الشرك الجلي والخفي منهم، وأحسنوا في العبودية، كما قال تعالى: { للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } [آل عمران: 172]، وهو نعمة البقاء بالله التي هي الفضل من الله، يدل عليه قوله تعالى:

وكان فضل الله عليك عظيما

[النساء: 113].

ثم وصفهم بصفة أخرى هي تتمة كلامه، وقال تعالى: { الذين قال لهم الناس } [آل عمران: 173]؛ يعني: بالنفس الأمارة بالسوء الناسية تلك المخاطبة عند الميثاق، { إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم } [آل عمران: 173]، واهربوا منهم، وفي الحقيقة؛ أي: القلب ودواعي الحق [لو صدقوكم] أيتها النفس اللوامة؛ لغنوكم عنكم بسطوة ذكر الله وتجلي صفاته، فاخشوهم بترك الذكر والمراقبة { فزادهم إيمانا } [آل عمران: 173]، أما لأهل الظاهر بالتفكر في عواقب الأمور، فعلموا أن الدنيا فانية وأن

كل من عليها فان

[الرحمن: 26]، وتحققوا أن المقتولين في سبيل الله { أحياء عند ربهم يرزقون } [آل عمران: 169]، فزادهم نور الإيمان، وشاهدوا بذلك النور الزائد مقامات أهل الزيادة عند ربهم فزهدوا في الدنيا وما فيها؛ طلبا مقام العندية في مقعد الصدق، { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } [آل عمران: 173]، وأما لأهل الحقيقة فبشواهد الغيب كوشفوا أن الحجاب الأصلي والمانع الحقيقي لهم عن المقصد والمقصود وهي النفس وصفاتها فاشتاقوا إلى فنائها وارتحلوا عن فنائها، ونادى رب العزة: " أنا يا أهل العزة، [الراجين ذلك] المقام، دع نفسك وتعال " ، فزادهم صار الإيمان عيانا، فودعوا الملوثات وخلفوا المكونات، { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } [آل عمران: 173]، كما قال الخليل عليه السلام مع جبريل عليه السلام، والذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

" كان آخر ما تكلم به إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل "

؛ يعني: آخر مقام الخلة أن يكبر عن نفسه وما سواه، كما قال بعضهم: حب الواحد انفراد الواحد.

نامعلوم صفحہ