373

تاویلات

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

اصناف

فمن حسدهم عليكم { إن تمسسكم حسنة } [آل عمران: 120]، كرامة من الله تعالى وفضل منه، وقبول من الحق، وظهورات ألطاف الحق على معاملاتكم وأخلاقكم التي من نتائج كمالاتكم، { تسؤهم وإن تصبكم سيئة } [آل عمران: 120]، مساءة من الخلق والإنكار والرد والطعن والاعتراض، { يفرحوا بها وإن تصبروا } [آل عمران: 120] على ما أصابكم من الأذى والمصائب { وتتقوا } [آل عمران: 120]، عنهم بالله { لا يضركم كيدهم شيئا } [آل عمران: 120] بل يضرهم، { إن الله بما يعملون محيط } [آل عمران: 120]؛ أي: مهلكهم بكيدهم لقوله تعالى:

ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله

[فاطر: 43].

ثم أخبر عن النصر بعد الصبر لقوله تعالى: { وإذ غدوت من أهلك } [آل عمران: 121]، إشارة في الآيات: إن الله تعالى يشير إلى جواهر السالك الصادق السائر العاشق { وإذ غدوت } [آل عمران: 121] في طلب الحق والرجوع إلى مقام الهرب، { من أهلك } [آل عمران: 121]؛ أي: من صفات نفسك الحيوانية والبهيمية، { تبوىء المؤمنين } [آل عمران: 121]؛ أي: صفاتك الروحانية، { مقاعد للقتال } [آل عمران: 121]؛ أي: لقتال النفس والشيطان والدنيا، { والله سميع } [آل عمران: 121] لدعائكم بالإخلاص عن الرياء، وبترك الهلاك في نية الهوى، { عليم } [آل عمران: 121] بصدق نياتكم في طلب الحق، { إذ همت طآئفتان منكم أن تفشلا } [آل عمران: 122]؛ يعني: القلب وأوصافه، والروح وأخلاقها، { والله وليهما } [آل عمران: 122] أخرجهما من ظلمات البشرية والخلقية إلى أنوار الربوبية والخالقية، { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } [آل عمران: 122] في إخراجهم من الظلمات لا على أنفسهم.

{ ولقد نصركم الله ببدر } [آل عمران: 123] الدنيا { وأنتم أذلة } [آل عمران: 123] من غلبات شهوات النفس، وكثرة الوساوس، واستعنتم بربكم فأمدكم بنصرة القربة، { فاتقوا الله } [آل عمران: 123]؛ أي: اتقوا عما سواء؛ لينصركم على كل شيء يحول بين الله وبينكم، { لعلكم تشكرون } [آل عمران: 123]؛ أي: لكي ينعم بنعمة الهداية إليه فتكونوا مشاكرين لنعمة وجود المنعم به.

[3.124-127]

ثم أخبر عن إمداده لنصرة عباده بقوله تعالى: { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم } [آل عمران: 124]، إشارة في تحقيق الآيات: إن نور نبوة النبي صلى الله عليه وسلم يلهم أرواح المؤمنين على الدوام عند مقابلة الشيطان، ومجاهدة النفس، ومكايدة الشيطان والهوى، والركون إلى زخارف الدنيا والميل إليها، { ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة ءالف من الملائكة منزلين } [آل عمران: 124]؛ يعني: الجنود الروحانية الملكوتية التي لا تدركها الحواس لقوله تعالى:

وأنزل جنودا لم تروها

[التوبة: 26]، فتقوى بها قلوبكم لدفع خوف البشرية ورفع عجز الحيوانية، ويحييها بروح رباني كما قال تعالى:

وأيدهم بروح منه

نامعلوم صفحہ