تاویلات
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
اصناف
[المنافقون: 8]، فافهم جيدا.
{ وتذل من تشآء } [آل عمران: 26]؛ يعني: تذل بذل الغضب والسحت من تشاء من الكافرين والمنافقين، بأن تبطل استعدادهم عن قبول فيض الوجود الحقيقي، دليله قوله تعالى:
وضربت عليهم الذلة والمسكنة وبآءو بغضب من الله...
[البقرة: 61]، وفي قوله تعالى: { بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران: 26]، تضمير الدعاء؛ يعني: اللهم مالك الملك تؤتي من تشاء أنت الذي بيدك الخير كله، فآتني الملك فيمن تشاء أن تؤتيه، وأعزني فيمن تشاء أن تعزه، إنك على شيء من الإيتاء والمنع والإعزاز والإذلال قدير.
وقوله: { تولج الليل في النهار } [آل عمران: 27]؛ أي: تولج ظلمانية البشرية النفسانية في نهار أنوار الصفات الروحانية، { وتولج النهار في الليل } [آل عمران: 27]، أنوار الروحانية في ظلمات الصفات النفسانية، { وتخرج } [آل عمران: 27] القلب { الحي } [آل عمران: 27]، بالحياة الحقيقية { من } [آل عمران: 27]، النفس { الميت وتخرج } [آل عمران: 27]، القلب { الميت } [آل عمران: 27]، عن الحياة الحقيقية { من } [آل عمران: 27]، النفس { الحي } [آل عمران: 27]، بالحياة المجازية الحيوانية { وترزق من تشآء بغير حساب } [آل عمران: 27]؛ أي: ترزقه من عالم الجود الحقيقي من النفس الميت، وتخرج الذي هو غير متناه، ولا يدخل تحت العدد والحساب.
[3.28-32]
ثم أخبر عن أهل العناية من حافظي الولاية بقوله تعالى: { لا يتخذ المؤمنون الكافرين } [آل عمران: 28]، الإشارة في الآيتين: لا يتخذ المؤمنون الكافرون { أوليآء من دون المؤمنين } [آل عمران: 28]؛ أي: من إمارة الإيمان أن لا يمكن للمؤمن من سؤالات الكفار ومودتهم؛ لأنهم أوثق عدوى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وإن مودة الكفار وموالاتهم كفر، كما أن الرضاء بالكفر كفر، والضدان لا يجتمعان، فلا يجتمع في قلب المؤمن حب الله ورسوله والمؤمنين وحب الكافرين أبدا؛ لقوله تعالى: { ومن يفعل ذلك } [آل عمران: 28]؛ يعني: من يتخذ الكافرين أولياء { فليس من الله في شيء } [آل عمران: 28]؛ أي: من محبة الله في شيء، وفيه إشارة أخرى: إن القلب المؤمن؛ هو الذي لا يتخذ الكافرين من النفس الأمارة والشيطان والهوى والدنيا أولياء من دون المؤمنين، من الروح والسر وصفاتهما، { ومن يفعل ذلك } [آل عمران: 28]، قلب من القلوب؛ فليس ذلك القلب من الله من أنواره وألطافه ومواهبه ونظر عنايته ورحمته في شيء، { إلا أن تتقوا منهم تقة } [آل عمران: 28]؛ يعني: إلا أن تخافوا من هلاك النفوس؛ هي مركب الروح، فرجوعها إلى الحضرة الربوبية تسير إلى الحق فيواسيها ويداريها؛ لئلا يعجز عن السير في الرجوع ويهلك في الطريق من كثرة معادات القلب ومخالفة هواها وشدة ارتياحها، { ويحذركم الله نفسه } [آل عمران: 28]؛ أي: ذاته، والمراد منه: صفات قهره؛ لأن ذاته تعالى موصوف بصفات اللطف وصفات القهر، والتحذير لا يكون إلا من صفات القهر، والإشارة فيها: إن موالاة النفس معاداة الحق، فمن كان حاله معاداة الحق فلا بد من المصير إليه، ففي يوم يكون { وإلى الله المصير } [آل عمران: 28]، لا خفي من الله إلا القهر والعداوات، ولا يخطئ منه إلا بعذاب البعد وعقاب الهجران.
{ قل إن تخفوا ما في صدوركم } [آل عمران: 29]، من معاداة الحق في ضمن موالاة النفس بدعوى الإيمان والإسلام وسلام محبته، { أو تبدوه } [آل عمران: 29]، بمخالفات أوامره ونواهيه، وموافقات دواعي النفس وشهواتها ومتابعة هواها، { يعلمه الله } [آل عمران: 29]، بالقليل والكثير، والنفير والقطمير، { ويعلم ما في السموت } [آل عمران: 29]، قلوبكم من موالاة النفس ومعاداة الحق { وما في الأرض والله على كل شيء قدير } [آل عمران: 29]، نفوسكم من مخالفات الحق وموافقات الهوى، فيجازيكم على قدر الموالاة والمعاداة بقوله تعالى: { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا } [آل عمران: 30]، إشارة في الآية: إن يوم القيامة { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا } [آل عمران: 30]، أثره في ذاتها وصفاتها، وكذلك ما عملت من شر، وذلك الأشر كان معها في الدنيا محضرا، ولكن نظر النفس كان محجوبا بحجاب الغفلة، لم تكن تجده محضرا معها، فإذا كشف عنه الحجاب تجده حاضرا معها، كما قال تعالى:
لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد
[ق: 22]، وقال تعالى:
نامعلوم صفحہ