كتاب التوحيد
فضل التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
قال الشيخ الإمام العالم العامل العلامة القدوة الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الشيخ الصالح العلامة أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي أدام الله النفع به . آمين (2) .
صفحہ 1
في الصحيحين عن أنس بن مالك ، قال : - كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه على الرحل، ، فقال : يا معاذ قال : لبيك رسول الله وسعديك قال : يا معاذ قال : لبيك رسول الله وسعديك قال : يا معاذ قال : لبيك رسول الله وسعديك . قال : ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار قال : يا رسول الله ، أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكلوا فأخبر بها معاذ عند موته تأثما - (1) (2) .
وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : - إن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بها وجه الله - (3) .
صفحہ 2
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أو أبي سعيد بالشك (1) - أنهم كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في [ غزاة ] تبوك فأصابتهم مجاعة ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بنطع فبسطه ، ثم دعا بفضل أزوادهم ، فجعل الرجل يجيء بكف ذرة قال ويجيء الآخر بكف تمر قال ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه بالبركة ثم قال خذوا في أوعيتكم فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه قال فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة - (2) (3) (4) .
صفحہ 3
وفي الصحيحين عن أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : - ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت وإن زنى ، وإن سرق ؟ قال : وإن زنى ، وإن سرق . قالها ثلاثا ، ثم قال في الرابعة على رغم أنف أبي ذر فخرج أبو ذر ، وهو يقول : وإن رغم أنف أبي ذر - (1) .
وفي صحيح مسلم عن عبادة أنه قال عند موته : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : - من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [ حرم الله عليه النار ] - (2) .
صفحہ 4
وفي [ الصحيحين ] (1) عن عبادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : - من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق 36 والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل - (2) .
وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة جدا يطول ذكرها .
أهل التوحيد لا يخلدون في النار وإن دخلوها
وأحاديث هذا الباب نوعان :
صفحہ 5
أحدهما : ما فيه أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة ، أو لم يحجب عنها؛ ؛ وهذا ظاهر؛ فإن النار لا يخلد فيها أحد من أهل التوحيد الخالص، وقد يدخل الجنة ولا يحجب عنها إذا طهر من ذنوبه بالنار .
وحديث أبي ذر معناه : أن الزنا والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد، وهذا حق لا مرية فيه (1) ليس فيه : أنه لا يعذب يوما عليهما مع التوحيد .
صفحہ 6
وفي مسند البزار عن أبي هريرة مرفوعا : - من قال : لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره ، يصيبه قبل ذلك ما أصابه - (1) .
والثاني : ما فيه أنه يحرم على النار، وهذا قد حمله بعضهم على الخلود فيها ، أو على نار يخلد فيها أهلها ، وهي ما عدا الدرك الأعلى ، فإن الدرك الأعلى يدخله خلق كثير من عصاة الموحدين بذنوبهم ، ثم يخرجون بشفاعة الشافعين ، وبرحمة أرحم الراحمين .
صفحہ 8
وفي الصحيحين أن الله - تعالى - يقول : - وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال : لا إله إلا الله (1) .
شروط لا إله إلا الله
وقالت طائفة من العلماء : المراد من هذه الأحاديث : أن لا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك ، ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه ، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه ، أو لوجود مانع ؛ وهذا قول الحسن ووهب بن منبه, وهو الأظهر .
وقال الحسن للفرزدق -وهو يدفن امرأته- : ما أعددت لهذا اليوم ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة . قال الحسن : [نعم] (1) إن ل لا إله إلا الله شروطا (2) فإياك وقذف المحصنة
[وروي عنه أنه قال للفرزدق : هذا العمود . فأين الطنب ؟ ] (3) .
وقيل للحسن : إن ناسا يقولون : من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ؟ فقال : من قال : لا إله إلا الله ، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة .
صفحہ 9
وقال وهب بن منبه لمن سأله : أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلى ، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان ، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح لك (1) .
صفحہ 10
وهذا الحديث : - إن مفتاح الجنة لا إله إلا الله - (2) خرجه الإمام أحمد بإسناد منقطع .
عن معاذ قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - إذا سألك أهل اليمن عن مفتاح الجنة ؟ فقل : شهادة أن لا إله إلا الله . - .
ويدل على صحة هذا القول ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص . كما في الصحيحين عن أبي أيوب - أن رجلا قال : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال : تعبد الله ، ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم - (1) .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال : - يا رسول الله دلني عن عمل إذا عملته دخلت الجنة . قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان فقال الرجل : والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا شيئا ، ولا أنقص منه . فقال - صلى الله عليه وسلم - من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا - (2) .
صفحہ 11
وفي المسند عن بشير بن الخصاصية قال : - أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبايعه فاشترط علي : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن أقيم الصلاة ، وأن [أوتي] (1) الزكاة ، وأن أحج حجة الإسلام ، وأن أصوم رمضان ، وأن أجاهد في سبيل الله . فقلت : يا رسول الله أما اثنتين (2) فوالله لا أطيقهما : الجهاد والصدقة (3) فقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ثم حركها ، وقال : لا جهاد ولا صدقة ، فبم تدخل الجنة إذا? ، قلت : يا رسول الله أنا أبايعك عليهن كلهن (4) .
شروط دخول الجنة
ففي هذا الحديث أن الجهاد والصدقة شرط في دخول الجنة مع حصول التوحيد والصلاة والصيام والحج (5) .
صفحہ 12
ونظير هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : - أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله - (1) ففهم عمر ، وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك ، فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة (2) وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - - فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها - وقال : الزكاة حق المال .
وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما ، وأنه قال : - أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . - .
صفحہ 13
ويدل على ذلك قوله تعالى : فإن تابوا (1) { } - قرآن كريم ( تم بحمد الله - - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } - ( قرآن كريم - - - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم - - } - - - - } - قرآن كريم - - - رضي الله عنهم -( - ( ( المحتويات ( - فهرس - - ( - - رضي الله عنهم - - } (2) التوبة 11 .
كما دل قوله تعالى : { تمت ( - - ( } - قرآن كريم ( - - - - } - قرآن كريم ( تم بحمد الله - - - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم فهرس - - ( - - - } - ( قرآن كريم - - - - عليه السلام -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - فهرس - - قرآن كريم - - } - - - - ( المحتويات ( - ( الله أكبر (- عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - ( - (( ( صدق الله العظيم - (- صلى الله عليه وسلم - - - - - } (3) على أن الأخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد ، فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد .
ولما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ، ورأوه صوابا .
صفحہ 14
فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقا ، بل قد يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام ، فكذلك عقوبة الآخرة .
وقد ذهب طائفة إلى أن هذه الأحاديث المذكورة أولا وما في معناها ، كانت قبل نزول الفرائض والحدود ، منهم الزهري والثوري وغيرهما ، وهذا بعيد جدا (1) فإن كثيرا منها كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود ، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك ، وهي في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهؤلاء منهم من يقول في هذه الأحاديث : إنها منسوخة (2) . ومنهم من يقول : هي محكمة ، ولكن ضم إليها شرائط ، ويلتفت هذا إلى أن الزيادة على النص : هل هي نسخ أم لا ؟ والخلاف في ذلك بين الأصوليين مشهور .
صفحہ 15
وقد صرح الثوري وغيره بأنها منسوخة ، وأن ناسخها الفرائض والحدود ، وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح ، فإن السلف كانوا يطلقون النسخ على مثل ذلك كثيرا ، ويكون مقصودهم أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم ، فصارت تلك النصوص منسوخة ، أي : مبينة مفسرة ، ونصوص الفرائض والحدود ناسخة أي : مفسرة لمعنى تلك ، موضحة لها .
صفحہ 16
فهم النصوص المطلقة في ضوء النصوص المقيدة وقالت طائفة : تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر ، ففي بعضها : - من قال لا إله إلا الله مخلصا - (1) وفي بعضها مستيقنا (1) وفي بعضها : - يصدق قلبه لسانه - (2) وفي بعضها : - يقولها حقا من قلبه - (3) وفي بعضها : - قد ذل بها لسانه ، واطمأن بها قلبه - (1) وهذا كله إشارة إلى عمل القلب ، وتحققه بمعنى الشهادتين ، فتحققه بقول : لا إله إلا الله ألا يأله القلب غير الله حبا ورجاء ، وخوفا ، وتوكلا واستعانة ، وخضوعا وإنابة ، وطلبا . وتحققه بأن محمدا رسول الله ألا يعبد الله بغير ما شرعه الله على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - .
صفحہ 19
وقد جاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحا أنه قال : - من قال : لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة . قيل : ما إخلاصها يا رسول الله ?! قال : أن تحجزك عن كل ما حرم الله عليك - (1) .
وهذا يروى من حديث أنس بن مالك ، وزيد بن أرقم ، ولكن إسنادهما لا يصح وجاء أيضا من مراسيل الحسن ونحوه .
وتحقيق هذا المعنى وإيضاحه أن قول العبد لا إله إلا الله يقتضي أن لا إله له غير الله ، والإله الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ، ومحبة ، وخوفا ، ورجاء ، وتوكلا عليه ، وسؤالا منه ، ودعاء له ، ولا يصلح ذلك كله إلا لله - عز وجل - ، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول : لا إله إلا الله ونقصا في توحيده ، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك .
صفحہ 20
الشرك والكفر له أصل وفروع وهذا كله من فروع الشرك (1) ؛ ولهذا ورد إطلاق الكفر والشرك على كثير من المعاصي التي منشؤها من طاعة غير الله أو خوفه أو رجائه ، أو التوكل عليه والعمل لأجله ، كما ورد في إطلاق الشرك على الرياء (2) وعلى الحلف بغير الله (3) وعلى التوكل على غير الله والاعتماد عليه ، وعلى من سوى بين الله وبين المخلوق في المشيئة ، مثل أن يقول : ما شاء الله وشاء فلان (1) وكذا قوله : ما لي إلا الله وأنت ؛ وكذلك ما يقدح في التوكل (1) وتفرد الله بالنفع والضر : كالطيرة (2) والرقى المكروهة (1) وإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون ، (2) وكذلك اتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه ، قادح في تمام التوحيد وكماله .
صفحہ 24
ولهذا أطلق الشرع على كثير من الذنوب التي منشؤها من اتباع هوى النفس بما هو كفر وشرك ؛ كقتال المسلم ، (1) ومن أتى حائضا ، أو امرأة في دبرها (2) ومن شرب الخمر في المرة الرابعة (3) وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملة بالكلية ولهذا قال السلف : كفر دون كفر ، وشرك دون شرك (1)
وقد ورد إطلاق الإله على الهوى المتبع ، قال - تعالى - : { - تمهيد ( - - عليه السلام -(- رضي الله عنه - - - (- صلى الله عليه وسلم - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - ( تم بحمد الله - - (( مقدمة - رضي الله عنهم - - ( - - ( { ( مقدمة - - عليه السلام - قرآن كريم - رضي الله عنهم - - } (2) الجاثية : 23 وقال الحسن : هو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه (3) . وقال قتادة : هو الذي كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه . لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى (4) .
صفحہ 26
وروي من حديث أبي أمامة مرفوعا بإسناد ضعيف : - ما تحت ظل السماء إله يعبد أعظم عند الله من هوى متبع - (1) .
صفحہ 27