توضیح الاحکام
توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام
اصناف
يعني أنه يجوز للشاهد أن يستند في شهادته إلى غلبة ظنه من غير تصريح به وذلك في الأمور التي لا يصح فيها القطع والجزم عادة أو يعسر كشهادة عدلين بإعسار المديان وضرر الزوجين واستحقاق الملك ومغيب الزوج عن زوجته وتركها بدون نفقة والتعديل والتجريح والتعريف بالخط والرشد وضده وحصر الورثة ونحو ذلك وإنما وجبت اليمين فيها لأن الشهادة جاءت من الشهود على نفي العلم وذلك مقدورهم ففي الإعسار يقولان لا يعلمان له مالا ظاهرا ولا باطنا وحالة متصلة على ذلك حتى الآن وفي ضرر الزوجين لا يعلمان أنه رجع عن الإضرار بها وفي الاستحقاق لا يعلمان خروجه عن ملكه وفي المغيب لا يعلمان أنه ترك لها نفقة وفي التعديل لا يعلمون أنه انتقل من حالة العدالة وقس الباقي وحيث قد يكون المشهود به على خلاف الظاهر استظهر على الباطن باليمين على القول المشهور المعمول به وأنها لا تكون على البت لكن استثنى من ذلك أمور لا يمين فيها وهي حصر الورثة والترشيد وضده واستحقاق الأصول على المشهور والتعديل وضده والتعريف بالخط والأب أن أثبت العسر لينفق عليه ولده. وذكر الناظم هاته المسئلة مع المسائل السابقة مع كونها ليست من النظائر بل النصاب فيها تام لوقوع المشابهة بينهما في الجملة وهو كونها لا يتم الحق بها إلا بيمين (تنبيهان) الأول أن صرح الشهود بالقطع في المحل الذي لا يصح القطع فيه عادة بأن قالو لا مال له قطعاأو لا وارث له سوى فلان قطعا بطلت شهادتهم وإن لم # يصرحوا بشيء بأن قالوا لا مال له ولا وارث له سوى فلان استفسروا أن كانوا أحياء حضورا وعمل على تفسيرهم ولا فرق فيه بين المبرز وغيره لأنه ليس من باب الزيادة والنقص في الشهادة كما تقدم فإن ماتوا أو غابوا غيبة بعيدة قبلت من أهل العلم لا من غيرهم وهكذا في كل شهادة مجملة وقيل لا تصح الشهادة في ذلك إلا إذا كانت على القطع والبت والله أعلم (الثاني) لا يعمل بشهادة العدل الواحد في العدم والترشيد وضده وضرر الزوجين والتعديل ضده ويعمل به في الباقي لكن يحلف يمينين إحداهما لتكميل النصاب والأخرى للاستظهار ولا يجمعان في يمين واحدة وكلاهما على البت قاله التسولي. وقوله قطع بالتنوين فاعل يصح وقوله (فصل) أي هذا فصل في بيان النوع الثالث من أنواع الشهادات وهو ما يوجب توقيف المدعي فيه أو يمنع من هو بيده من إحداث التغيير فيه أو تفويته أن قامت للمدعي شبهة ولطخ بما يمكن تصحيح دعواه ويسمى فصل العقلة وفصل الإيقاف (مقدمة) قال في المقدمات ختلف في الحد الذي يدخل به الشيء المستحق في ضمان المستحق وتكون الغلة له ويجب التوقيف به على ثلاثة أقوال (الأول) لا يدخل في ضمانه ولا تجب له غلة حتى يقضى له به وهو الذي يأتي على قول مالك في المدونة أن الغلة للذي هو في يده حتى يقضى بها للطالب وعليه لا يجب وقف الأصل المستحق بحيلولة ولا وقف غلته وهو قول ابن القاسم في المدونة أن الرباع التي لا تحول ولا تزول لا توقف مثل ما يحول وإنما يمنع من الأحداث فيها (الثاني) يدخل في ضمانه وتكون له الغلة ويجب وقفه بالحيلولة أن ثبت له بشاهدين أو بشاهد وامرأتين وهو ظاهر قول مالك في الموطأ الغلة للمبتاع إلى يوم يثبت الحق وقول غير ابن القاسم في المدونة يجب التوقيف أن أثبت المدعي حقه وكلف المدعى عليه الدفع (الثالث) يدخل في ضمانه وتجب له الغلة والتوقيف بشاهد واحد وهي رواية عيسى عن أبي القاسم في كتاب الدعوى والصلح أنه يحلف مع شاهده والمصيبة منه وروايته عنه في الكتاب المذكور فيمن ادعى زيتونا وأقام شاهدا واحدا أن الثمرة له إذ تؤولت المسئلة # أنه استحق الأصل دون الثمرة وأما على من تأول أنه ادعى الأصل والثمرة وشهد الشاهد بهما فتخرج الرواية من هذا الباب إلى وجه متفق عليه وما وقع في إحكام ابن زياد أن التوقيف يجب في الدار بالقفل وتوقيف الغلة بالشاهد الواحد يأتي على هذا القول والنفقة أيضا تجري على هذا الاختلاف انتهى محل الحاجة وأعلم أن القول الأول هو المشهور والثاني جرى به عمل الأندلسيين كما في ابن ناجي على المدونة نقلا عن ابن رشد وعليه درج الناظم حيث قال ووقف ما كالدور البيت الآتي (قلت) وتبعهم على هذا العمل قضاة تونس الآن وقال المتيطي اختلف في إيقاف الرباع والعقار بشاهد واحد فمنع منه ابن القاسم في المدونة وغيرها وأجازة سحنون وطرح قول ابن القاسم وكان سحنون ربما أعقل بعدل وربما لا يعقل إلا باثنين مدة ما يعذر. وفي أحكام ابن زياد ويجب العقل بعدل في الدور وفي الأرض بالمنع من الحرث. وفي أحكام ابن بطال لابن لبابة لا تجب العقلة إلا بشاهدين وهو قول ابن القاسم وكان عبيد الله بن يحيى وكثير من أصحابه يرون العقل بالقفل مع الشاهد الواحد. وفي وثائق ابن العطار لا يجب العقل بشاهد واحد ولكن يمنع المطلوب أن يحدث في العقار شيئا. وتقل عن ابن زرب أنه حكى الخلاف في مسائله وأن العقل بالشاهد إنما هو خاصة وبعضهم أوجب عقلها به محتجا بقول ابن القاسم في مسئلة الزيتون. قال ابن مرزوق بعد ذكره النصوص المتقدمة (قلت) وهي أي مسئلة الزيتون التي قدمنا عن المقدمات قال أي ابن رزب ولم يرها بعضهم إلا بشاهدين وحيازتهما وبهذا جرى القضاء ببلدنا لأن الغلة بالضمان وهو من المطلوب حتى يقضى عليه انتهى (تكملة) إذا كان الشيء الموقوف بما يحتاج إلى إنفاق عليه في أيام الإيقاف كالعبد والدابة فنفقته على من يقضى له به فإن كانت لذلك الشيء الموقوف غلة كانت أبدا للذي كان بيده حيث كان ذا شبهة إلى أن يقضى به لغيره خليل والنفقة على المقضي له به والغلة له للقضاء فضمير له الثاني عائد على الحائز المدعى عليه فالمفهوم من السياق ولا يصح عوده على # المقضي له به وإن كان مصرحا به لأن قوله للقضاء يمنع من ذلك قاله ابن مرزوق وفي حاشية البناني على الزرقاني ما نصه قال الرجراجي فأما ما يوقف وقفا يمنع من الاستخدام فإن كانت له غلة فنفقته من غلته وإن لم تكن له غلة فقولان أحدهما أن نفقته على من يقضى له به وهو مذهب المدونة والثاني أن النفقة عليهما معا فمن قضي له به رجع عليه الآخر بما أنفق وهذا القول في غير المدونة وهو أصح وأولى بالصواب اه وقوله
(ثالثة لا توجب الحق نعم ... توجب توفيقا به حكم الحكم)
هذا هو النوع الثالث من أنواع الشهادات وهي الشهادة التي لا توجب الحق مطلقا لا بيمين ولا بدون يمين ثم استشعر سؤال سائل قال له حيث كانت هاته الشهادة لا توجب حقا للمدعي هل توجب توقيف الشيء المدعى فيه لئلا يفوته المدعى عليه فأجاب بقوله نعم توجب توقيفه وبه حكم الحاكم لمن طلبه ثم أن التوقيف تتوقف معرفته وإجراؤه على معرفة أسبابه وكيفياته فأما أسبابه فشهادة عدلين أو عدل واحد أو رجلين يحتاجان إلى التزكية أو قرينة قوية وأما كيفياته فإما بالحيلولة وإما بعدم التفويت في العقار وإما بوضعه أو وضع ثمنه أو وضع قيمته تحت يد أمين وقد أشار الناظم إلى بيان السبب الأول وكيفية التوقيف به فقال
(وهي شهادة بقطع ارتضى ... وبقي الأعذار فيما تقتضي)
(وحيث توقيف من المطلوب ... فلا غنى عن أجل مضروب)
(ووقف ما كالدور قفل مع أجل ... لنقل ما فيها به صح العمل)
(وماله كالفرن خرج والرحى ... ففيه توقيف الخراج وضحا)
(وهو في الأرض المنع من أن تعمرا ... والحظ يكرى ويوقف الكرا)
صفحہ 107