268

يعني أن من حلف بالأيمان اللازمة قائلا في صيغتها الأيمان تلزمني لا أفعل كذا أو لا فعلت أو لأفعلن أو جميع الأيمان كلها أو أيمان المسلمين أو إن فعلت فجميع # الأيمان أو الأيمان اللازمة علي أو تلزمني فقد اختلف فيما يلزمه على أربعة أقوال على ما هنا (الأول) يلزمه الثلاث قال الناظم وهو أصحها وقال غيره وبه العمل (الثاني) تلزمه طلقة رجعية حيث كان جاهلا ولم تكن له نية في يمين (الثالث) تلزمه طلقة بائنة (الرابع) تلزمه جميع الأيمان التي يقع الحلف بها من طلاق ن في عصمته وعتق من يملكه وصدقة بثلث ماله ومشي لحج وكفارة يمين وصوم سنة وكفارة ظهار قال الناظم وما به عمل مع أنه هو المشهور (قلت) نفي العمل به لا يستلزم نفي مشهوريته وإنما المشعر بنفي المشهورية حكايته بقيل مع تأخيره وعن ابن عبد البر أن عليه كفارة يمين بالله لا غير وعن أبي بكر الفهري وتلميذه القاضي ابن العربي والإمام عبد الرحمن السهيلي وابن علوان أن عليه ثلاث كفارات لكل يمين من الجمع كفارة ووجهه السهيلي بما يطول جلبه كما في نوازل المعيار ومحصله أن الطلاق لا يتناوله هذا اللفظ لأنه ليس بيمين حتى يدخل فيه وأن الحالف به ليس بمقسم إجماع أهل العربية في أبواب القسم لا يكون إلا بحروف القسم كالواو والباء والتاء فإذا قال قائل والطلاق لأفعلن كذا لكان هذا قسما لغة عربية لا شرعا كالذي يقول والكعبة لأفعلن ونحو ذلك فإذا كان كذلك فهو مقسم وحالف ولكن لا يلزمه في حكم الشريعة شيء أي لأنه حلف بحادث فإن قال علي الطلاق إن فعلت كذا وكذا لزمه لا أنه من حيث أنه مقسم ولكن يسمى مطلقا ربط طلاقه بشرط فإن وقع الشرط وقع الطلاق أو العتاق أو شيء من هذا ومن تورع أن يحل ما حرم الله فلم يتورع أن يحرم ما أحل الله اه قال الحطاب إطلاق اليمين على الطلاق والعتاق مجاز ألا ترى أن حروف القسم لا تدخل عليها وقال ابن الحاجب النذور والطلاق والعتق على صفة فيهن أي على حصول شرط تسمى يمينا وهي في الحقيقة تعليق وفي التوضيح عند الكلام على لغو اليمين وكانت الحقيقة الشرعية في اليمين إنما هي الحلف بالله تعالى ولذلك تدخل عليه حروف القسم وأما الطلاق والعتق والصدقة فليست يمينا شرعا وإنما هي التزامات ولذلك لا تدخل عليها # حروف القسم وكان الحلف بذلك ممنوعا اه إذا تقرر هذا علمت حكم ما تحلف به عامة الناس اليوم وهو قولهم بالحرام أو باللازمة لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا فإنه من باب أولى غي عدم اللزوم لأن الحرام مقيس على الطلاق عند من قال بلزوم الطلاق بلفظ الحرام إنشاء أو تعليقا أو التزاما نحو زوجته حرام أو إن دخلت الدار مثلا فزوجتي حرام أو عليه الحرام لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا وحينئذ لم يبق للحالف به إلا النية والحلف بالنية لا ينعقد كما في الزرقاني والمعيار وغيرهما على أن كل كلام له حكم في نفسه لا يصح أن يضمر به غيره كما تقدم في الظهار هذا على تقدير أن الحالف بتلك الصيغة يقصد بها التعليق وأما على تقدير عدم قصده لأن العامة لا تعرف التعليق على التحقيق كما في المعيار نقلا عن التونسيين قاطبة فيمن قيل له تزوج فلانة فقال هي حرام فإذا تزوجها فإنها لا تحرم عليه وقيل تحرم عليه على تقدير إن تزوجتها فهي حرام وهنا أن العامة يحلفون بلفظ الحرام ويعتقدون الحنث عند فعل المحلوف على تركه فيلزمهم الطلاق كالحلف بالله تعالى فتلزمه الكفارة عند الحنث كما هو الظاهر ويحلف به من كانت له زوجة ومن لم تكن له زوجة فهو إما عابث أو حالف بحادث فيلزمه الاستغفار لا غير والله تعالى أعلم فمن الواجب على الفقيه إذا سئل عن مسألة في باب اليمين مثلا أن يسأل الحالف عن صيغة يمينه فلربما يعتقد الحالف أنها يمين شرعية مع أنها في الواقع ليست شرعية فإذا كانت شرعية يسأله هل لها سبب أم لا وإذا تسببت عن شيء هل زال السبب الذي حمله عن اليمين أم لا وهل عنده نية إذا احتاج المقام إليها أم لا وهل عندهم عرف يحملون عليه إذا فقدت النية أم لا فإن حالة المفتي مع المستفتي كحالة الطبيب مع المريض في السؤال عن أحواله نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصواب وعن الأبهري لا يلزمه إلا الاستغفار لأنه حلف يمينا وهي الأيمان تلزمني غير شرعية وبقوله أفتى الإمام ابن سراج وقبله القاضي الحميدي وابن السراج وقالا من قلد هذا فه مخلص (قلت) ووجه هذا القول والله أعلم هو ما قاله ابن راشد في الفائق أن أيمان جمع يمين ولفظ يمين موضوع للقدر المشترك # بين الألفاظ الموضوعة للأيمان إما شرعا أو عرفا فمدلولها إذا إنما هو اللفظ لا المعنى ومقتضى هذا أن لا يلزم الحالف بها شيئا وقد أجمع الناس على أن الحالف بالحادث لا تلزمه كفارة ويعزى هذا للشافعي رحمه الله تعالى وأما ملك رحمه الله تعالى فلم يحك عنه فيها شيء اه (فائدة مهمة) قال الشيخ أحمد بابا ويعرف بالسوداني قال الإمام الشاطبي لقيت يوما بعض أصحابنا الأستاذ شيخنا المشاور أبا سعيد بن لب أكرمه الله فقال أردت أن أطلعكم على بعض مستنداتي في الفتوى الفلانية وما شاكلها ووجه قصدي للتخفيف فيها وكان أطلعنا على جواب بخطه من سؤال أفتى فيه بمراعاة اللفظ والميل إلى جانبه فنازعناه فيه وانفصل المجلس على المنازعة فأرانا مسائل النهاية وأحكام ابن الفرس وغيرهما وبسط لنا ما يقتضي الاعتماد على لفظ الحالف وإن كان فيه خلاف ما لنيته بناء على قول من يقول به من أهل المذهب وغيرهم وقال أردت أن أنبهكم على قاعدة في الفتوى نافعة جدا ومعلومة من سند العلماء وأنهم كانوا ما يشددون على السائل في الواقع إن جاء مستفتيا قال الشاطبي وكنت قبل هذا المجلس تترادف علي وجوه الإشكالات في أقوال مالك وأصحابه فبعد ذلك المجلس شرح الله بنور ذلك الكلام صدري فارتفعت ظلمات تلك الإشكالات دفعة واحدة لله الحمد وجزاه الله عني خيرا وجميع معلمينا اه. وقول الناظم باللازمة الباء صلة لما قبلها لا للقسم كما قررنا به كلامه لا لصيغة اليمين كما توهمه بعض الطلبة والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قال

(فصل)

أي هذا فصل في مسائل من الطلاق وتوابعه وقوله

(وموقع الطلاق دون نيه ... بطلقة يفارق الزوجيه)

(وقيل بل يلزمه أقصاه ... والأول الظهر لا سواه)

صفحہ 144