"ولا" اشترط الخطابي "سلامة الحديث من الشذوذ" احترازا عن الحديث الشاذ وسيأتي بيانه "و" لا اشترط سلامته من "العلة" والذي لم يسلم منها يقال له المعل أي الذي لم يسلم عن أسباب حفية قادحة كما ستعرفه في تعريف العلة في كلام المصنف فإن قيل هذا قيد مستدرك فإنه لا يخفى على الضابط الحازم مثل تلك القادحة قيل يقال الصارم قد ينبو والحازم قد يسهو.
"ولا بد من اشتراط الضبط" أي لا فراق ولا محالة كما في القاموس أي لا بد من اشتراط تمام الضبط ولا مطلقه كما ستعرفه من عبارات أئمة هذا الشأن وكأن المصنف أطلقه بناء على أن الضبط التام هو الفرد الكامل المتبادر كما هو الواقع في رسوم الصحيح عند علماء الفن.
قال ابن الصلاح: أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه١ وقال الحافظ ابن حجر في "لنخبة"٢بنقل عدل تام الضبط ومثله عبارة المصنف في مختصره في هذا الفن.
ووجه الاحتياج إلى هذا القيد في الرسم قوله "لأن من كثر خطؤه عند المحدثين" الظاهر تعلقه بقوله "استحق الترك" فلو أخره كان أولى فإن المعنى استحقاق كثير الخطأ الترك عند أئمة الحديث لا أن كثرة أخطائه عند المحدثين كما هو واضح ترشد إليه عبارته الآتية قريبا "وإن كان عدلا" إذا العدالة لا تنافي كثرة الخطأ في الرواية إذ مدرك ذلك عدم تمام الضبط ومدرك العدالة غيره وهذا في كثرة الخطأ وأما خفته فإنه يكون الراوي معه مقبولا ويصير حديثه حسنا كما قال الحافظ فإن حف الضبط فهو الحسن لذاته.
وقال المصنف في مختصره فإن خف الضبط وكان له من جنسه تابع أو شاهد فالحسن ويأتي تحقيق ذلك في بحثه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
"وكذلك" أي يستحق الترك "عند الأصوليين" أي أهل أصول الفقه ولكن بشرط غير شرط الأولين وهو "إذا كان خطؤه أكثر من صوابه واختلفوا" أي الأصوليون لا أهل الحديث فإنه يعلم أنهم إذا تركوا من كثر خطؤه فتركهم من تساوي خطؤه وصوابه بالأولى والفرق بين كثيرا وأكثر ظاهر فهذان قسمان والثالث: أشار إليه بقوله "إذا
_________
١ علوم الحديث ص "٢٠".
٢ ص "٢٩".
1 / 17