أيضا أن ابن الحبان وابن خزيمة التزما الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف إسنادا ومتونا١ وعلى كل حال فلا بد للمتأهل من الاجتهاد والنظر ولا يقلد هؤلاء ومن نحا نحوهم فكم حكم ابن خزيمة بالصحة لما لا يرتقي عن رتبة الحسن بل فيما صححه الترمذي من ذلك حملة مع أنه يرفرق الحسن والصحيح. انتهى.
قلت: فلا تأخذ ما قاله المصنف والزين وغيرهما مما ذكروه حكما كليا "وكتاب المستدرك٢ على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم على تساهل فيه" أي التصحيح "قال ابن الصلاح: ما انفرد الحاكم بتصحيحه لا بتخريجه فقط إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه" لفظ ابن الصلاح اعتني الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رواه على شرط قد أخرجا على رواته في كتابيهما أو على شرط البخاري وحده أو على شرط مسلم وحده وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به فالأولى أن يتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة وإن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن٣. انتهى.
وقد عرفت أن حكم صحيح ابن حبان حكم المستدرك كما قاله ابن الصلاح إلا أنه قال الزين إنه قال الحازمي٤ إن ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم.
_________
= ابن ضوء القيس البصرواي. قال الذهبي: الأمام المفتي المحدث، ثقة متفنن، محدث متقن. مات سنة "٧٧٤". له ترجمة في: شذرات الذهب "٦/٢٣١"، والنجوم الزاهرة "١١/١٢٣"، وإنباه الغمر "١/٣٩".
١ اختصار علوم الحديث ص "٢١- ٢٢".
٢ المستدرك: معنى "الاستدراك" هو أن يتتبع إمام من الأئمة إماما آخرا في أحاديث فتته ولم يذكرها في كتابه، وهي على شرطه أخرج عن رواتها في كتابه فيحصى المستدرك- بكسر الراء- هذه الأحاديث المتروكة، ويذكرها في كتاب يسمى "المستدرك- بفتح الراء – غالبا أوما في هذه المعنى. "الوسيط" ص "٢٣٩".
٣ علوم الحديث ص "٢٩".
٤ الحازمي هو: الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان بن حازم الهمداني. قال ابن النجار: كان من الأئمة الحفاظ. العالمين بقفه الحديث ومعانيه، ثقة نبيلا حجة زاهدا. له ترجمة في: البداية والنهاية "١٢/٣٣٢"، وشذرات الذهب "٤/٢٨٢"، ووفيات الأعيان "١/٤٨٨".
1 / 67