الأحاديث" هذا محل تأمل لأنه إذا قال ابن الصلاح: لا يصح لأحد في هذه الأعصار أن يصحح١ وإنما التصحيح مقصور على من تقدم عصره فمن تقدم عصره إذا صحت الطريق إليه بأنه قال هذا الحديث صحيح مثلا فقد حصل ما يريده ابن الصلاح من أنه صححه من تقدم فاشتراط أن يذكر ذلك التصحيح في تأليف له لا يلزم من القول بأنه لا يصحح أهل عصره وهو واضح فما أظنه ذكر المصنفات قيدا للاحتراز بل قيد واقعي مبني على الأغلب بأن من صحح الأحاديث يصححها من مؤلفات له "فلهذا لم يعتمد" يعني ابن الصلاح "على صحة السند إلى من صحح الحديث من غير تصنيف مشهور" هكذا نسخة المصنف من غير ونسخة الزين في شرحه في غير وهي أولى لأن شرط ابن الصلاح أين يصحح في تصنيف لا أنه يصححه ذو تصنيف ولو في غير مصنفه ثم وجدنا في نسخة من التنقيح كعبارة ابن الصلاح "وسيأتي كلامه في ذلك" ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
قلت: وسيأتي أيضا ذكر من خالفه أي ابن الصلاح في زعمه أنه ليس للمتأخرين التصحيح "ورد عليه" دعواه.
"قال زين الدين: ويؤخذ الصحيح أيضا" أي كما يؤخذ مما نقض على صحته إمام معتمد يؤخذ "من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط" أي من الصفات التي لم يخلط فيها الصحيح بغيره كسنن أبي داود مثلا ولذا قال ابن الصلاح: ولا يكفي في ذلك أي في صحة الحديث مجرد كونه موجودا في سنن أبي داود والترمذي وكتاب النسائي وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ويكفي كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه "كصحيح أبي بكر محمد بن خزيمة وصحيح أب حاتم محمد بن حبان البستي المسمى بالتقاسيم والأنواع٢" قال ابن النحوي في البدر المنير غالب صحيح ابن حبان منتزع من صحيح شيخه إمام الأئمة محمد بن حزيمة إلا أنه قال ابن الصلاح: صحيح ابن حبان يقارب مستدرك الحاكم في حكمه ونقل ابن حجر الهيتيمي في فهرسته أنه قال الحاكم: إن ابن حبان ربما يخرج عن مجهولين لا سيما ومذهبه إدراج الحسن في الصحيح إلى آخر كلامه ونقل العماد ابن كثير٣
_________
١ علوم الحديث ص "٢٩".
٢ فتح المغيث "١/١٩".
٣ العماد ابن كثير هو: الإمام المحدث الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير=
1 / 66