خطبته إلا الحديث المنفرد. انتهى.
قال الحافظ قلت: ما فضله به بعض المغاربة ليس راجعا إلى الأصحية بل هو لأمور:
أحدهما: ما تقدم عن ابن حزم.
الثاني: أن البخاري كان يرى جواز الرواية بالمعنى وجواز تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره بخلاف مسلم والسبب في ذلك أمران أحدهما أن البخاري صنف كتابه في طول رحلته فقد روينا عنه أنه قال رب حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر ورب حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه فلا يسوق ألفاظه برمتها بل يتصرف فيه ويسوقه بمعناه ومسلم صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة شيوخه وكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق.
والثالث: أن البخاري استنبط فقه كتابه من أحاديثه فاحتاج أن يقطع المتن الواحد إذا اشتمل على عدة أحكام ليورد كل قطعة منه في الباب الذي يستدل به على ذلك الحكم الذي استنبط منه لأنه لو ساقه في المواضع كلها برمته لطال الكتاب ومسلم لم يعتمد ذلك يسوق أحاديث الباب كلها سردا عطفا بعضها على بعض في موضع واحد. انتهى.
وقلت: وبه تعرق أن بعض المغاربة هو أبو محمد بن حزم وتعرف أنه لم يفضل صحيح مسلم من حيث الأصحية وتعرف أنه ما كان ينبغي لابن الصلاح ومن تبعه جعل خلافه وخلاف أبى على النيسابوري واحدا وأنه من جهة واحدة ثم لا يخفي أن ما قاله الزركشي فيما نقلناه عنه آنفا إن دائرة الخلاف أوسع والذاهبون إلى ترجيح مسلم أكثر ممن ذكر.
وقال الحافظ: ما قاله أبو علي النيسابوري فلم نجد عنه تصريحا قط بأن كتاب مسلم أصح من كتاب البخاري وإنما نفى الأصحية عن غير كتاب مسلم عيه ولا يلزم من ذلك أن يكون كتاب مسلم أصح من كتاب البخاري فيجوز أن يوجد ما يساويه فإذا كان كلام أبى على محتملا لكل من الأمرين فجزم
ابن الصلاح أن أبا علي قال صحيح مسلم أصح من صحيح البخاري غير صحيح وقد رأيت هذه العبارة في كلام الشيخ محيي الدين النووي والقاضي بدر الدين ابن جماعة والشيخ تاج الدين
1 / 50