مسألة ٢ [في بيان مراد أهل الحديث بقولهم: هذا حديث صحيح]
"المراد" أي مراد أهل علوم الحديث "بالصحيح والضعيف" ذكره وإن كان تعريفه متأخرا ذكرا لحكم النقيض عند حكم نقيضه "قال زين الدين: وحيث يقول المحدثون هذا حديث صحيح فمرادهم فيما ظهر لنا عملا بظاهر الإسناد لا أنه مقطوع بصحته" ١ هو مأخوذ من كلام ابن الصلاح فإنه قال ليس من شرطه يريد الصحيح أن يكون مقطوعا به "في نفس الأمر" ٢.
وهذا كلام صحيح "لجواز الخطأ والنسيان على الثقة" سواء أريد المصحح له من الرواة إلا أنه لا يخفي أن هذا الإخبار عن مرادهم قليل الإفادة لأنه معلوم أن ما في نفس الأمر لا يطلع عليه إلا الله تعالى وأنه لا يكلف أحدا إلا بالعمل بما خوطب به وظهر له صحته أو غيرها.
وقد قال نبينا ﷺ: "إنما أقطع له قطعة من نار" ٣ لأنه يحكم بما أوجب عليه الحكم به عنده وهو حصول نصاب الشهادة مثلا وإن كانت كذبا في نفس الأمر وقد نقل إليه ﷺ أن رجلا يأتي أم ولده فأرسل عليا ﵇ لقتله فوجده محبوبا فتركه فقال النبي ﷺ: "أحسنت" ٤.
ولكنه ذكره المصنف ليتوصل به إلى قوله: "هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم خلافا لمن قال: إن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر كحسين الكرابيسي" نسبة إلى الكرباس بالكسر الثوب الأبيض من القطن معرب فارسيته بالفتح غيروه لغزة
_________
١ فتح المغيث "١/١١".
٢ علوم الحديث ص "٢١".
٣ البخاري "٩/٣٢، ٨٦". وأبو داود "٣٥٨٣"، والبهقي "١٠/١٤٩".
٤ مسلم في: التوبة: حديث "٥٩"، وأحمد "٣/٢٨١".
1 / 30