المعلل بأمثلة يقدح بها المحدثون ولا يقدح بها الفقهاء وسيأتي.
وبهذا تعرف أن وصفه للعلة بالقادحة عند بيان القيود وإهمالها في الرسم بيان منه لما عليه المحدثون فإن العلة تقدح عندهم في صحة الحديث وإن لم تقدح عند غيرهم فحذف وصفها بالقادحة في الرسم لأن ألفاظه إنما يؤتى بها للاحتراز والجمع والمنع فلو أتى بقيد القادحة في الرسم لحمل رسمه على اصطلاح الفقهاء فإنه يحترز به عن العلة التي ليست بقادحة عندهم وأتى به في بيان فوائد القيود وصفا كاشفا لا تحترز به عن شيء وبه تعرف أن وصف العلة بالقادحة عند الفقهاء احتراز عن علة لا يقدح بها وأن وصفها في لسان المحدثين إنما هو للكشف لا للاحتراز.
وقلنا في نظمنا للنخبة في رسم الصحيح:
وهو بنقل العدل ذي التمام
...
في ضبط ما يروى عن الأعلام
منصلا إسناد ما يرويه
...
لا علة ولا شذوذ فيه
يدعي الصحيح في العلوم عرفا
فهذا كما ترى جامع مانع على اصطلاح أئمة الحديث.
وبهذا التحقيق تعلم أن اعتراض الشيخ تقي الدين ليس في محله وتعرف أن قول ابن حجر في جوابه عن اعتراضه إن ابن الصلاح لم يخل بذلك القيد بل قوله في الرسم ولم يكن معللا يريد علة خفيه قادحة مستدلا برسمه للحديث المعلل على اصطلاح المحدثين حيث قال: "أنه الحديث الذي اطلع في إسناده على علة خفيه قادحة" غير صحيح لأنه لم يرد بوصف العلة بالقادحة في رسم العلل إلا القادحة عند المحدثين ولا مفهوم لها بل هي وصف كاشف وتعرف إتقان ابن الصلاح في رسمه وجريه على اصطلاح أئمة الحديث من غير ملاحظة لاصطلاح غيرهم.
وقد حذف المصنف في مختصره من رسم الصحيح قيد القادحة فهو غير موافق لما قررناه هنا فتأمل وتعرف أنه كان يحسن من المصنف تأخير كلام الشيخ تقي الدين وأن يفرد عبارة ابن الصلاح ثم يورد عقبيها اعتراض الشيخ تقي الدين فإنه اعتراض لرسم ابن الصلاح.
"قال الشيخ تقي الدين: لو قيل هذا" أي الرسم الذي ذكره ابن الصلاح وزين الدين رسم "الحديث الصحيح المجمع على صحته لكان" قولا "حسنا لأن من لا يشترط هذه الشروط لا يحصر الصحيح في هذه الأوصاف" يريد أنه لو قيل إن رسم ابن الصلاح
1 / 22