استويا فالأكثر منهم" أي الأصوليين "على رده" لعدم الظن بصدقه "لأنه لا يحصل الظن بصدقه" ولا يقبل إلا ما يظن صدقه وإلا كان تحكما وهذا ثالث الأقسام ورابعها أن يخف ضبطه وهذا لم يذكره المصنف وقد أشرنا إليه وخامسها من صوابه أكثر من أخطائه وهو مفهوم كلام المصنف حيث قال لأن من كثر خطؤه عند المحدثين واستحق الترك كما سلف وهذا يحتمل أنه الخفيف الضبط فهو مقبول عند المحدثين لكن حديثه حسن لا صحيح عندهم ويكون مقبولا عند الأصوليين.
"ومنع رده جماعة منهم المنصور بالله" عبد الله بن حمزة "ولكنه قال طريق قبوله الاجتهاد" ولا يخفي أن هذه كلها أخبار آحاد وطريق قبولها الاجتهاد وهو النظر في أدلة التعبد بأخبار الآحاد فما وجه تخصيص هذا القسم بالشرط المذكور ثم لا يخفى أنه إذا استوى ضبط الراوي وعدمه كان قبول روايته قبولا مع الشك فيها والشك لا يعمل به فإن أراد المنصور بالله أنه إذا حفته قرائن تقيد المجتهد ظن صدقه فليس يعلم بالمشكوك فيه من هذه الجهة بل من جهة ما حفه من القرائن.
"كما هو قول عيسى بن أبان" بفتح الهمزة "ذكره" المنصور بالله "في" كتابه "الصفوة" وحكاه عنه في الجوهرة للشيخ الحسن الرصاص "وكذلك الفقيه عبد الله بن زيد" العنسي "ذهب إلى قبوله" أي قبول من تساوى ضبطه وعدمه.
وأما قوله "وادعى الإجماع على قبوله إن كان صوابه أكثر من خطائه" فيحمل على أن ضمير قبوله في هذه الجملة للراوي المفيد بكثرة صوابه على خطائه لتصح دعوى الإجماع لا فيمن تساويا وإن كانت عبارته تقضي بعود الضمير إليه إذ الكلام فيه ولا يصح أن يجعل قوله "إن كان صوابه أكثر من خطائه" قيدا لقوله "ذهب إلى قبوله" لأنه غير محل النزاع فإن النزاع فيمن تساويا فيه ولا من كان خطؤه مكثورا فإن مفهوم قوله آنفا أنه يرد الأصوليون من كان خطاؤه أكثر من صوابه أن من كان صوابه أكثر من خطائه غير مردود عندهم وكذلك عند المحدثين لأن الأظهر أنه المراد بخفيف الضبط الذي جعلوا حديثه حسنا ولهذا راج للفقيه عبد الله دعوى الإجماع على قبوله "ذكر" الفقيه عبد الله "ذلك كله في الدرر" جمع درة، وهو كتاب للفقيه في أصول الفقه "وفي دعوى" الفقيه عبد الله "الإجماع نظر لمخالفة المحدثين".
اعلم أنه يتصور هنا أربع صور:
الأولى: تام الضبط.
1 / 18