وأما الدين الذي قال الله فيه: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١] فذاك له أصول وفروع بحسبه.
وإذا عرف أن مسمى أصول الدين في عرف الناطقين بهذا الإسم فيه إجمال وإبهام لما فيه من الاشتراك بحسب الأوضاع والاصطلاحات تبين أن الذي هو عند الله، ورسوله، وعباده المؤمنين أصول الدين؛ فهو موروث عن الرسول. وأما من شرع دينا لم يأذن به الله فمعلوم أن أصوله المستلزمة له لا يجوز أن تكون منقولة عن النبي ﷺ إذ هو باطل، وملزوم الباطل باطل كما أن لازم الحق حق.
وهذا التقسيم ينبه أيضا على مراد السلف، والأئمة بذم الكلام وأهله؛ إذ ذلك يتناول لمن استدل بالأدلة الفاسدة، أو استدل على المقالات الباطلة. فأما من قال الحق الذي أذن الله فيه حكما ودليلا فهو من أهل العلم والإيمان والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
وأما مخاطبة أهل اصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة كمخاطبة العجم: من الروم، والفرس، والترك بلغتهم وعرفهم. فإن هذا جائز حسن للحاجة.
وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه، ولهذا قال النبي ﷺ لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وكانت صغيرة ولدت بأرض الحبشة، لأن أباها كان من المهاجرين إليها فقال لها " يا أم خالد هذا سنا " والسنا بلسان الحبشة الحسن. لأنها
1 / 18