توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس
توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس لابن حجر
اصناف
قدمت على مالك وقد حفظت الموطأ، فقلت: إني أريد أن أسمع منك الموطأ فقال: اطلب من يقرأ لك، فقلت: لا عليك أن تسمع قراءتي فإن سهل عليك قرأت لنفسي، قال: فأعاد فأعدت، فقال: اقرأ، فلما سمع قراءتي، قال: اقرأ، فقرأت حتى فرغت منه.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم قال: ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا أحمد بن إسحاق الفارسي قال: سمعت محمد بن خالد سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: أتيت مالكا وأنا ابن تسع عشرة سنة فذكر مثله.
وعن الإمام أحمد قال: سمعت الشافعي يقول: أنا قرأت على مالك وكانت تعجبه قراءتي، قال أحمد: لأنه كان فصيحا.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: ما اشتد علي فوت أحد مثل فوت الليث وابن أبي ذئب -يعني محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المخزومي- وكان فقيه المدينة في زمن مالك وقبله، وكان أحمد يقدمه في الورع، قال ابن أبي حاتم: فذكرت ذلك لأبي فقال: ما كنت أظن أنه أدركهما حتى تأسف عليهما.
قلت: وأما الليث فأدركه فإنه حين اجتمع بمالك فقرأ عليه الموطأ، كان موجودا لكن بمصر، وأسف أن لا يكون له إذ ذاك معرفة بقدر الليث فكان يرحل إليه، أو كان يعرفه لكن لم يكن له قدرة على الرحلة إليه، فأسف على فوته، وأما ابن أبي ذئب فمات -والشافعي ابن تسع سنين- بالمدينة، والشافعي إذ ذاك صغير ولا يلزم ذلك أن لا يصح منه الأسف على فوت لقيه -بمعنى- أنه أسف أن لا يكون أدرك زمانه.
صفحہ 112