رعوا عهدي، وحفظوا وصيتي، وخافوني في الغيب، وقاموا مني على كل حال مشفقين، وقد رأيت الجهد منهم في أبدانهم (١) أثرة لرضاي عنهم قد رأيت ما صنع بكم أهل زمانكم، فلم يمنعكم جفاء الناس عن حقي، تمنوا عليَّ ما شئتم.
فلو رأيتهم وقد سمعوا ذلك من حبيبهم يذكرهم ما كانوا عليه في دنياهم من رعاية عهده وحفظه ودوام خوفهم منه، وقد استطاروا فرحًا لما شكر لهم رعايتهم حقه، وحفظ منهم خوفهم، ورحب بهم محبة لهم، إذ كانوا بذلك إياه في الدنيا يعبدونه، استطارت قلوبهم فرحًا وسرورًا إذ لم يفرطوا في طاعته، ولم يقصروا في مخافته، فاغتبطوا لما كانوا به لله في الدنيا يدينون من شدة خوفهم ورعاية حقه وحفظه، فردوا إليه (٢) الجواب مع سرور قلوبهم بالقسم لعظمته وجلاله، أنهم قد قصروا عما كان يحق له عليهم إعظمامًا له واستكثارًا، إذ أثابهم جنته وأكرمهم بزيارته وقربه واستماع كلامه، فقالوا عند ذلك: وعزتك وجلالك (٣) وعظمتك وارتفاع مكانك ما قدرناك حق قدرك، ولا أدَّينا إليك كل حقك، فائذن لنا بالسجود، فقال لهم ربهم: إني قد وضعت عنكم مؤونة العبادة وأرحت لكم أبدانكم،
_________
(١) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(٢) كسابقه.
(٣) كسابقه.
1 / 76