بالتخسئة لك ابتداء، فمثلك لا يجاب، ومناخرك وفيك ملجومة (١) بلجام، فبقى نفسك مترددًا في جوفك لا مخرج له، فضاقت نفسك في صدرك وبقيت قلقًا تزفر لا تطيق الكلام ولا يخرج منك (٢) نفس.
ثم أراد أن يزيدك إياسًا وحسرة، فأطبق أبواب النار عليك وعلى أعدائه فيها. فما ظنك إن لم يعف عنك، وقد سمعتَ رجوف بابها قد أغلق؟ فيا إياسك ويا إياس سكان جهنم حين سمعوا وقع أبوابها تطبق عليهم فعلموا عند ذلك أن الله ﷿ إنما أطبقها لئلا يخرج منها أحد أبدًا، فتقطعتْ قلوبهم إياسًا وانقطع الرجاء منهم ألا فرج أبدًا ولا مخرج منها ولا محيص لهم من عذاب الله ﷿ أبدًا، خلود فلا موت، وعذاب لا زوال له عن أبدانهم، ودوام حرق قلوبهم ومضيضها، فلا روح ولا راحة تعلق بهم أبدًا، أحزان لا تنقضي، وغموم لا تنفد، وسقم لا يبرأ، وقيود لا تحل، وأغلال لا تفك أبدًا، وعطش لا يرون بعده أبدًا، وكرب لا يهدأ أبدًا، وجوع لا يشبعون بعده أبدًا إلا بالزقوم ينشب في حلوقهم فيستغيثون بالشراب ليسوغوا به غصصهم فيقطع أمعاءهم، وحسرة فوت رضوان
_________
(١) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ملجومين] .
(٢) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
1 / 40