قال: قلنا: فإنه معنا، فخر لله ساجدا، ثم وثب ولبس ثيابه وتقلد سيفه، وأقبل إليه، فلما رآه محمد اعتنقه وأدنى مجلسه.
قال نصر بن مزاحم: حدثني عبد الله بن محمد قال: لما كان في يوم الخميس لسبع ليال خلون من رجب وهو اليوم الذي تواعد فيه محمد بن إبراهيم وأبو السرايا، خرج محمد من جبانة بشر من منزل عمران بن مسعد فيمن كان بايعه من الزيدية، ومن معه من عوام الناس إلى مسجد السهلة لموعده فأبطأ عليهم حتى ندم محمد وخاف أن يكون قد غدر به وعرف الكآبة في وجهه، فلما تعالى النهار وافاهم أبو السرايا مما يلي القنطرة.
قال نصر بن مزاحم: فحدثني محبوب بن يزيد النهشلي، قال:سمعت صيحة الناس وتكبيرهم فخرجت لأستعلم الخبر، فلقيت أبا الفضل مولى العباسيين، فقلت: ما الخبر؟ فقال:
ألم تر أن الله أظهر دينه .... وضلت بنو العباس خلف بني علي
وقد ظهر ما كنتم تسرون وعلا ما كنتم تكتمون، وهذا محمد بن إبراهيم في المسجد يدعو الناس إلى الرضا من آل محمد، فرجعت إلى منزلي فلبست سلاحي ومضيت مع الناس فبايعت.
قال: فأقام محمد عليه السلام بالمسجد حتى بايعه خلق كثير عظيم من أهل الكوفة، وصلى بالناس، ثم دخل القصر، فلما صلى الظهر بعث إلى الفضل بن العباس بن موسى بن عيسى رسولا يقول له : يقرئك ابن عمك السلام، ويقول لك: أمددنا بما قدرت عليه من سلاح وكراع.
فوافى الرسول الفضل وقد بلغه خبر محمد فخندق على داره وجمع مواليه وأتباعه، ففرق فيهم الصلاة وقواهم بالأسلحة، وأقام على سور قصره، فلما وصل الرسول إليه رماه خادم «بسهم» من فوق الدار فجرحه، فرجع إلى أبي السرايا متخضبا بدمه، فدخل أبو السرايا على محمد، فقال: يابن رسول الله إن الفضل بدأنا بالقتال، ونصب لنا الحرب وأظهر لنا المعاندة، وجرح رسولنا وقد استحق أن نحاربه فأذن لي فيه، فإنا نرجوا أن يجاز لنا عليه وأن يغنمنا الله ماله وسلاحه، فأذن له فيه وأمره أن لا يسفك دما ولا ينتهك حرمة.
صفحہ 467