قال: فأمر أبو السرايا الناس بالنهوض إلى هرثمة «فنهضوا»، ونهض معه أربعة آلاف من الزيدية ممن كان رجع عنه بالقصر قد لبسوا الأكفان وتحنطوا للموت.
قال: وخرج أبو السرايا يوم الإثنين لسبع خلون من ذي ا لقعدة إلى الرصافة بعد أن جرى بينهم قتال شديد فأخبر الناس وقد أخبره جواسيسه أن هرثمة يريد مواقعته في ذلك اليوم، فصفهم مما يلى الكوفة، ومضى هو في جريدة خيل حتى عبر القنطرة كراهة أن يأتوه منها.
[50] [أخبرنا أبو العباس قال: حدثنا أبو زيد العلوي عن الكوفي عن نصر بن مزاحم قال]: قال عبد الله بن محمد: فبينا نحن بالرصافة إذ أقبل هرثمة بخيله فرجع إلى الناس، فقال: صفوا صفوفكم وكونوا على تعبئتكم، فإن العدو قد أقبل.
وبعث إلى أبي السرايا رسولا يخبره «بإقبال هرثمة»: ويستطلع رأيه في قتاله، فلم يلبث أن أقبل أبو السرايا وهو كالبعير الهائج يكاد يقلعه الغضب عن سرجه قال: فعبأ ميمنة وميسرة وقلبا وجناحين وأمر كل قائد بتحريض أصحابه، ومن كان في المعسكر بقراءة القرآن.
ثم إن هرثمة رجع فعبر الفرات وأتاهم مما يلي القنطرة فوقف بالرصافة وخندق خمسة آلاف رجل وتوجه إليه بالفرسان والرجالة، فالتقوا بالقصر ونواحيه واقتتلوا قتالا شديدا، وكان على مقدمة أهل الكوفة روح بن الحجاج في جماعة من الأعراب والكوفيين، وأبو السرايا في الساقة.
قال عبد الله بن محمد: لقد رأيت أبا السرايا وقد ألقى خوذته على ظهره من شدة الحر وهو يقول: الصبر الصبر قد والله نكل القوم وما بعد اليوم إلا هزيمتهم، ثم حمل فقتل قتلى كثيرة، وخرج قائد من قواد هرثمة يكنى أبا خزيمة لابسا درعا على فرس كميت وبيده قناة وترس، ونادى أبا السرايا إلى البراز، فحمل عليه أبو السرايا فاطردا ساعة وضربه أبو السرايا على رأسه فخالطت الضربة قربوسه، فخر قتيلا فانهزم هرثمة وأصحابه واتبعهم أهل «الكوفة» يقتلونهم، ويأسرونهم حتى بلغوا صعيبا.
صفحہ 483