تتمة البیان فی تاریخ الافغان
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
اصناف
في اسم هذه الأمة
إن الفارسيين يسمونهم بأفغان، ويعللون ذلك بأنهم حينما أسرهم «بخت نصر» كان لهم أنين وحنين، والأنين يسمى بالفارسية «أفغان»، فأطلق عليهم هذا الاسم من ذلك الوقت، وقيل: إن أفغان اسم الحفيد «شاءول» وهو جد الأفغانيين، فسموا باسم جدهم. وعوام الفرس يطلقون عليهم اسم «أوغان»، وهو قريب من الأول، والهنود يسمونهم «بتان»، وبعض قبائل الأفغانيين كالمقيمين «بقندهار» و«قزن» يسمون أنفسهم «پشتو» و«پشتان» بالباء الفارسية فيهما، وبعضهم كساكني «خورست» و«كورم» و«باجور» يسمون أنفسهم «پغتو»، و«پغتان» بالباء الفارسية فيهما.
ومن دقق النظر في تقارب هذه الألفاظ يعلم أنها من أصل واحد، وأن لفظ «بغتان» و«أوغان» و«بتان» محرف عن «بغتان»، و«بغتان» و«بشتان» يصح أن يكونا مأخوذين من «باشتان» وهي قرية من قرى «نيسابور»، أو يكونا مأخوذين من «بشت» اسم مدينة من مدن خراسان، ثم ركب مع الألف والنون الدالتين على الجمع في لغة فارس، على احتمال أنه كان لهم بهما إقامة ثم استمر الإطلاق بعد مبارحتهما، والواو في «بشتو» و«بغتو» المحرف عنه للدلالة على النسبة كالياء في لغة العرب، وحذفت مع الجمع تخفيفا، ويحتمل أن يكونا مأخوذين من «بشيت» اسم قرية من قرى فلسطين، على احتمال كونهم من بني إسرائيل كما سنشير إليه.
الفصل الثاني
في نسب هذه الأمة
تتألف هذه الأمة من قبائل متعددة «كغلجائي» و«عبدل» و«كاكر» و«دربري» و«يوسف زائي» و«مهند» و«أفريدي» و«بنكش» وغيرها من القبائل التي تسمت بأسماء أماكنها «كخوستي» و«كرمي» و«باجوري»، وكل قبيلة تحتوي على عمائر
1
مختلفة، فمثلا «الغلجائي» تشتمل على «هتك» و«توخي» و«سليمان خيل» و«أورباخيل» وغيرها، و«عبدل» تتركب من «باركزائي» و«علي كوزائي» و«علي زائي» و«باميزائي»، وكل عمارة من هذه العمائر تتضمن بطونا، وبطونها تتضمن أفخاذا، ولسنا الآن بصدد بيان أسماء البطون والأفخاذ وما يختص بكل منها؛ لضيق المقام، وتجتمع هذه الفروع في أصل واحد يسمى «بشتو» أو «بشتان».
وقد اختلف أرباب التواريخ في منبت هذا الأصل، فقال بعضهم: إنهم من طائفة الخزر كانوا يسكنون بسواحل بحر «كاسبتان» وفي «باب الأبواب» و«الشروانات» وكانوا يغيرون على بلاد إيران وينهبون ممالكهم، ثم نقلهم بعض الملوك إلى شرقي بلاد خراسان في زمن غير معلوم، ونسبه بعض من لا خبرة له بالتواريخ إلى الأمير «تيمور الكوركان»، وضعفه ظاهر؛ إذ الأفغانيون في أماكنهم هذه من قبل زمان تيمور بقرون، وقال بعضهم: إنهم من أولاد الضحاك الذي اشتهر عنه في «ميثولوجيا» فارس بأنه كان له سلعتان بكتفيه يوهم أنهما ثعبانان، وقال بعضهم: إنهم من الآشوريين الكلدانيين حتى إن بعض سياح الإفرنج ادعى أنه يوجد في اللغة الأفغانية بعض من الألفاظ الكلدانية، وقال بعضهم: إن هذه الطائفة التي ملأت الجبال الواقعة بين نهر «أتك» و«خراسان» - أعني طائفة الأفغان - من نسل الأقباط المصريين الذين كانوا مع «سوزستريس» حين افتتاحه البلاد الهندية، وقال بعضهم: إنهم من أسباط بني إسرائيل وإن «بخت نصر» أسكنهم بعد قتل كثير منهم في الجبال المسماة «قوهستان غور» أو «غور» فقط، وقال: إنهم سموا مسكنهم الجديد بهذا الاسم؛ تذكارا للوادي الكائن بأرض الشام المسمى بغور، وسموا ببغتو الذي هو محرف عن «بختو» نسبة إلى «بخت نصر»، فإن الواو في الفارسية كياء النسبة في العربية، كما أشرنا إليه سالفا، ثم تكاثر عددهم فتسلطوا على تلك الجهات، وكان بينهم وبين يهود البلاد العربية مراسلات، ولما دخلت يهود العرب في دين الإسلام بعثوا برجل منهم يسمى خالدا إلى بلاد الأفغان يدعونهم إلى الدخول في دين الإسلام، فأرسل الأفغانيون جماعة من أمرائهم، وكان فيما بينهم رجل يسمى قيسا، يتصل نسبه إلى أسباط بني إسرائيل بسبع وأربعين واسطة، وإلى إبراهيم بخمس وخمسين واسطة، فقدمهم خالد إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم ، وصاروا مشمولين بعنايته، وخص قيسا بعواطفه الخاصة وسماه عبد الرشيد، ولقبه بالأمير، وقال
نامعلوم صفحہ