اسلام میں فارسی تصویر کشی
التصوير في الإسلام عند الفرس
اصناف
تصدير
مقدمة
مقدمة تاريخية
1 - نشأة التصوير الفارسي
2 - مدرسة بغداد أو مدرسة العراق
3 - المدرسة الفارسية التترية
4 - عصر تيمور وخلفائه
5 - بهزاد ومعاصروه - مدرسة بخارى
6 - المدرسة الصفوية
7 - عصر الشاه عباس وخلفائه
نامعلوم صفحہ
مراجع
تصدير
مقدمة
مقدمة تاريخية
1 - نشأة التصوير الفارسي
2 - مدرسة بغداد أو مدرسة العراق
3 - المدرسة الفارسية التترية
4 - عصر تيمور وخلفائه
5 - بهزاد ومعاصروه - مدرسة بخارى
6 - المدرسة الصفوية
نامعلوم صفحہ
7 - عصر الشاه عباس وخلفائه
مراجع
التصوير في الإسلام عند الفرس
التصوير في الإسلام عند الفرس
تأليف
زكي محمد حسن
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد، فهذا كتاب صغير أرجو أن أكون قد وفقت فيه إلى حاجة الذين يريدون أن يدرسوا نشأة فنون التصوير وتطورها في إيران، أو قل في العالم الإسلامي كله؛ فبلاد الفرس كانت أكثر الأمم الإسلامية عناية بصناعة التصوير وأسبقها في هذا المضمار.
أما التصوير الذي ازدهر على ضفاف النيل، فإني أعقد للكلام عليه فصولا في كتابي عن الفن الإسلامي في مصر، وفي بلاد الهند تصوير إسلامي سوف يكون موضوع أبحاث أنشرها في المستقبل.
وإني أشكر أستاذي الدكتور عبد الوهاب عزام لتفضله بمراجعة أصول هذا الكتاب، كما أشكر الأساتذة أعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر - ولا سيما أستاذي الجليل أحمد أمين - لعنايتهم بطبعه.
نامعلوم صفحہ
ولن يفوتني أن أنوه بما أنا مدين به للأستاذ الكبير جاستون فييت من إرشاد وتشجيع.
زكي محمد حسن
تصدير
بقلم المستشرق الكبير الأستاذ جاستون فييت مدير دار الآثار العربية
لست في حاجة إلى أن أقدم للقراء المصريين الدكتور زكي محمد حسن، فقد يكون مؤلفه الكبير عن الدولة الطولونية قد مر دون أن يسترعي انتباه جمهور كبير في مصر؛ لأنه كتب باللغة الفرنسية، ولكن الدكتور زكي لم يكن لديه بد من كتابته بهذه اللغة، فقد أعده ليحصل به على درجة الدكتوراه من السوربون. وهذا الكتاب يشهد على كل حال بأن الدكتور زكي يملك ناصية اللغة الفرنسية ويجيدها إجادته لغة بلاده.
وإني لشديد الرغبة في أن ينقل الدكتور زكي إلى العربية هذه المؤلف التاريخي البديع؛ حتى يستطيع المثقفون المصريون ممن لا دراية لهم باللغة الفرنسية أن يروا إلى أي حد استطاع المؤلف أن يلم بموضوعه إلماما شاملا وأن يعالجه في شعور وطني أثر في أثرا بالغا.
وقد عاد الدكتور زكي إلى مصر بعد دراسات واسعة ومثمرة في فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا، وتسلم كأمين لدار الآثار العربية العمل الذي تؤهله له دراساته وأبحاثه. وكان أول همه أن يكون إنتاجه ظاهرا منذ رجوعه إلى وطنه فألف الجزء الأول من كتاب عن تاريخ الفن الإسلامي في مصر، وسارعت دار الآثار العربية إلى طبع هذا الكتاب على نفقاتها، فهو الأول من نوعه في اللغة العربية، وقد وفق فيه الدكتور زكي إلى إطلاع مواطنيه على الدراسات التي قام بها العلماء الأوربيون في هذا الميدان وإلى الأخذ بنصيبه فيه. والحق أن العلماء المتكلمين باللغة العربية يلزمهم أن لا يجهلوا تصانيف المستشرقين؛ إن لم يكن للموافقة على ما فيها فلإعلان ما عسى أن يكشفوه في نتائج أبحاثهم من أخطاء، كما أن المستشرقين لا يستطيعون أن يغضوا الطرف عن المؤلفات المكتوبة بالعربية.
ولذا فإني بصفتي غربي تربطه بالشرق دراسات طويلة، وباعتباري مدير دار الآثار العربية أشعر بسرور مزدوج في أن أقدم إلى القراء المصريين هذا المؤلف الجديد الذي كتبه الدكتور زكي. •••
وفي الواقع إن تصوير المخطوطات من أطرف نواحي الفن الإسلامي وأكثرها إمتاعا. والدكتور زكي حسن، بفضل ما نعهده فيه من المزايا، يعرض لما هذا الموضوع عرضا دقيقا واضحا يشعر بأنه يحبه حبا جما. ولا ريب في أن تذوقه الفن في تلك الصور وفرط إعجابه سهلا عليه التعمق في دراستها.
ويرى القراء أن الدكتور زكي يبدأ كتابه بمقدمة تاريخية لازمة يستعرض فيها تاريخ إيران لينتقل بعد ذلك إلى دراسة نشأة التصوير الإسلامي وتطور هذا الفن في بلاد إيران مع العوامل التي أثرت فيه. وقد وفق المؤلف إلى شرح المدارس المختلفة وبيان مميزات كل منها، والمصورين الذين نبغوا وكانت لهم مواهب ممتازة تفوقها كلها مواهب زعيمهم بهزاد.
نامعلوم صفحہ
وإني عظيم الأمل في أن يجد القراء المصريون في قراءة هذا المؤلف الجديد ما وجدته في قراءته من فائدة واغتباط.
القاهرة في فبراير سنة 1936
مقدمة
بقلم الأستاذ الجليل الدكتور عبد الوهاب عزام
1
حرم الإسلام تصوير ذوات الروح قضاء على الوثنية في كل مظاهرها، فلم يعن المسلمون بتصوير الإنسان والحيوان، ووجهوا عنايتهم، حينما ازدهرت حضارتهم، إلى النقش والخط وتصوير النبات والجماد، فأتوا في ذلك بآيات من الجمال.
على أن المسلمين ترخصوا على مر الزمان في تصوير ذوات الروح وتجسيدها، ولا سيما في العصور المتأخرة، القرن السابع الهجري فما بعده.
ففي قصر عمرا الذي كشفت بقاياه في بادية الشام، ويظن أن بانيه أحد الأمراء الأمويين، صور كثيرة حيوانية ونباتية، فلم يقتصر الأمويون على صور النبات والجماد، التي نرى مثالها الجميل في الفسيفساء التي لا تزال تزين جدران جامع بني أمية بدمشق.
وقد روي أن المنصور العباسي حينما بنى بغداد أمر أن يوضع على إحدى قبابها صورة فارس تحركها الريح. وكذلك كشفت آثار سامرا وآثار الفاطميين في مصر عن صور حيوانية كثيرة، ولا تزال آثار الأندلس شاهدة بمثل هذا.
وكانت الكتب الإسلامية من أجمل المظاهر للفنون الجميلة في الخط والنقش والتذهيب والتلوين، وكانت صفحاتها أوسع مجال للصور الروحية التي نفر منها المسلمون دهرا.
نامعلوم صفحہ
ففي القرن السابع الهجري أولع الناس في العراق بالتصوير في الكتب لتمثيل بعض قصصها، ومن أنبه الكتب في هذا مقامات الحريري؛ فقد أغرم المصورون بتمثيل نوادر أبي زيد السروجي، فمثلوا كثيرا من أزياء ذلك العهد وعاداته، وفي المكتبة الأهلية بباريس نسخة من المقامات فيها زهاء مائة صورة صورت في منتصف القرن السابع الهجري.
وكان في مصر والشام لهذا العهد اهتمام لتصوير الكتب كذلك.
ثم تجلى هذا الفن في البلاد الفارسية، ولم يقف المصورون هناك عند حد فصوروا حتى الأنبياء والصحابة. وقد كان للفن هناك أطوار متداولة بتأثير الفن الصيني، وبترقيه على مر الزمان، وقد تولى رعايته الملوك الذين امتد سلطانهم على البلاد الفارسية: الإيلخانيون والتيموريون فالصفويون. ولا تزال آثار تلك العهود ناطقة باهتمام القوم وتنافسهم في تزيين الكتب والقصور بالصور.
وكانت سمرقند وهراة في عهد تيمور وشاهرخ وبيسنقر وحسين بيقرا ووزيره مير علي شير مجمع الكاتبين والمصورين. وختم هذا العصر بالمصور الذائع الصيت بهزاد.
وفي عهد الصفويين ازدهر التصوير ازدهارا؛ إذ عني به السلاطين عناية كبيرة، ولا سيما الشاه طهماسب (930-984) والشاه عباس الكبير (985-1038).
وفي عهد عباس ازدانت قصور أصفهان بآيات من النقش والتصوير رأيت بقاياها في قصر چهل ستون (الأربعين عمودا) وغيره من قصور أصفهان. وفي ذلك العهد ظهرت بجانب الصور الفارسية صور يظهر فيها الفن الأوروبي. وفي قصر چهل ستون صور تمثل سفراء أوروبا إلى الشاه عباس، وتمثل مواقع حربية تذكر رائيها بصور قصر فرساي في فرنسا.
ويمثل هذا العصر المصور النابه رضا عباسي.
وكان للتصوير من بعد أطوار أدت به نحو الذبول.
ثم إلى جانب التصوير الفارسي التصوير الإسلامي في الهند وغيرها، وكل ذلكم جدير بدرس واسع.
2
نامعلوم صفحہ
وقد عني الأوروبيون كثيرا بدراسة التصوير الإسلامي والعمارة الإسلامية، فجمعوا الكتب المصورة والصور المفردة ورتبوها على التاريخ ووصفوها. وجعلوا للفن الإسلامي تاريخا واضحا حتى كتب الأستاذ أرنولد وزميل له كتابا في فن الكتب خاصة سموه «الكتاب الإسلامي».
3
واهتم المسلمون في هذه السنين بدرس الفنون الإسلامية اقتداء بالأوروبيين. وكان من آثار هذا الاهتمام أن أرسلت وزارة المعارف المصرية طالبا لدرس الفنون الإسلامية، وهو شاب نجيب تخرج في كلية الآداب ومدرسة المعلمين العليا. أرسل إلى باريس فدرس مجدا حتى نال درجة الدكتوراه، وأكمل درسه في متاحف ألمانيا وغيرها، ثم عاد إلى مصر موفقا يعنى بأن يمد اللغة العربية بما تحتاجه من كتب الفن الإسلامي، وذلكم هو تلميذنا ثم زميلنا الدكتور زكي محمد حسن.
4
وقد كتب عن «الفن الإسلامي في مصر» كتابا ظهر منه الجزء الأول، ثم وضع الكتاب الذي نقدمه إلى القراء بهذه الكلمة - كتاب «التصوير في الإسلام عند الفرس».
وإنا لنرجو في همة الدكتور زكي محمد حسن ونبوغه رجاء كبيرا، آملين أن يبذل جهده في إمتاع قراء العربية بين الحين والحين ببحث في هذا الموضوع الطريف.
والله ييسر له كل خير، ويقدر له النجاح في كل عمل.
بغداد 28 شوال سنة 1354 / 23 يناير سنة 1936
مقدمة تاريخية
تمتد هضبة إيران من وادي دجلة والفرات غربا إلى وادي نهر السند شرقا، ومن خليج فارس وبحر العرب جنوبا إلى بحر قزوين ونهر جيحون شمالا، فهي بذلك تشمل بلاد إيران الحالية وأفغانستان وبلوخستان وجنوب التركستان الروسية.
نامعلوم صفحہ
ولأن الأسرتين الكيانية (الأكمينية) والساسانية، أعظم الأسر الملكية التي حكمت البلاد، نشأتا في إقليم فارس بالجنوب الغربي من إيران غلب اسم هذا الإقليم على بلاد إيران كلها، وأصبحت تعرف به عند اليونان والرومان والعرب والأوروبيين.
ولفظ إيران مشتق من لفظ آري، فإيران بلاد الإيرانيين الذين هم قسم من الآريين نزحوا إلى وطنهم الجديد من أواسط آسيا.
ولا ريب في أن حضارة الشعوب التي كانت تسكن إيران قديمة جدا؛ فقد وجد السر أوريل شتاين، والأستاذ هرتزفلد، قطعا من خزف رقيق متقن الصنع تزينه أشرطة جميلة من الخطوط والأشكال الهندسية، وعلماء الآثار مختلفون في تعيين العهد الذي صنع فيه هذا الخزف، ولعل أرجح الآراء أنه صنع في الألف الرابع أو الثالث قبل الميلاد.
وقد عثر المنقبون أيضا على نوع آخر من الخزف كشفوا أكثره في إقليم نهاوند، وليس لهذا الخزف رقة النوع السابق أو حسن صناعته، ويرجعه كثير من العلماء إلى أواخر الألف الثالث قبل الميلاد.
وكان معرض الفن الفارسي في لندن عام 1931 سببا في شهرة ما اكتشف في لورستان من أوعية وأسلحة وأدوات زينة وغيرها من البرنز، اختلف العلماء كثيرا في تاريخها، ولكن أكثرهم يرجعونها إلى نحو 1000 سنة قبل الميلاد.
على أن تاريخ إيران قبل قيام قورش
Cyrus
خرافي غامض؛ ولكنا نعلم أنه في القرن السادس قبل الميلاد كان القسم الغربي من إيران يسكنه شعبان من الجنس الآري، الميديون في الشمال، والفرس في الجنوب.
أما الميديون فكانوا قد نزحوا إلى هذه البلاد قبل ذلك بعصور طويلة، وكان اختلاطهم بالآشوريين والبابليين من سكان الجزيرة والعراق عاملا كبيرا في رقيهم، فتعلموا الكتابة وبلغوا من الحضارة مبلغا كبيرا مكنهم من إخضاع الفرس وإلزامهم دفع الجزية.
وكان الفرس أحدث عهدا بسكنى إيران، ولكن ضعفهم لم يدم طويلا؛ إذ تمكن قورش السالف الذكر من توحيد كلمتهم، ثم غزا شمال إيران فهزم الميديين واستولى على عاصمتهم اكبطانه (همذان الحالية)، ووحد ملك البلاد سنة 550 قبل الميلاد وأسس الدولة الكيانية.
نامعلوم صفحہ
الدولة الكيانية (559-331 قبل الميلاد)
مد قورش سلطانه شرقا حتى نهر السند، ثم ضم إلى بلاده آسيا الصغرى بعد أن هزم الليديين وأسر ملكهم كروسس، وانتصر بعد ذلك على الكلدانيين فاستولى على بابل سنة 539ق.م، وسار خلفاؤه على سنته؛ ففتح ابنه قمبيز مصر سنة 535ق.م، والتقى الفرس والإغريق بعد هذه الفتوح، فكان بينهما الكفاح المعروف، وتكررت حملات الفرس على بلاد الإغريق وما بقي لها من المستعمرات (500-479ق.م)، وظلت دولة الكيانيين قائمة إلى أن ظهر الإسكندر المقدوني وقضى على ملكهم (334-331ق.م).
وكان الآريون في العصور القديمة يعبدون مظاهر الطبيعة ويعتقدون بوجود نزاع بين قواها المختلفة، إلى أن ظهر زردشت في الألف الأول قبل الميلاد؛ فوحد قوى الخير في معبود واحد سماه أهورامزدا، كما جعل من الأرواح الشريرة وحدة هي أهريمان. والقوتان في نزاع دائم: خلق أهورامزدا كل ما هو خير ونافع، وخلق أهريمان كل ما هو شر وضار، وواجب الإنسان أن ينصر روح الخير، وأن يخذل روح الشر، وأن يعتقد باليوم الآخر. وأيد زردشت في تعاليمه تقديس الآريين للنار واتخذها رمزا للخير والنور، وكان إيقاد النار على موقد في العراء أهم مظاهر ديانته.
الإسكندر وخلفاؤه (330-248ق.م)
مزق الإسكندر ملك الفرس ومهد انتصاره الطريق لنشر الحضارة الإغريقية في الشرق الأدنى وشمالي الهند، وكان أكبر ما يطمح إليه أن يوحد الشرق والغرب ويجعل منهما إمبراطورية عالمية تحت سلطانه؛ فتزوج ببنت دارا الثالث، وتبعه قواده فتزوج كثير منهم بفارسيات.
ولكن المنية عاجلته، وانقسم ملكه من بعده أقساما تولى الأمر فيها قواده، ولم يصب أحدهم سلويقوس
Seleucus
شيئا يذكر، ولم يلبث النزاع أن دب بين خلفاء الإسكندر، فانضم سلويقوس هذا إلى أنتيجون وحصل بذلك على بابل، ولكن أنتيجون أراد بعد ذلك أن ينفرد بإرث الإسكندر فغلبه سلويقوس على أمره، ومد سلطانه على أكثر الأملاك الآسيوية التي خلفها العاهل المقدوني، وأخذت الحضارة الإغريقية تنتشر في الشرق الأدنى إبان حكمه وفي عصر خلفائه السلويقيين.
البارثيون
Les Parthes (250ق.م-226م)
نامعلوم صفحہ
كان يسكن خراسان (بارثيا) في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد شعب آرى نزح إليها من أواسط آسيا، واستطاع ملكه أرزاكس
Arsakes
أن يستقل بإقليمه، وظل البارثيون في نزاع مع خلفاء سلويقوس حتى انتزعوا منهم غربي إيران وشرقي بلاد الجزيرة، ثم مع الرومان فسلبوهم أرمينية وغربي بلاد الجزيرة، وفي عهد ميتراداثا الأكبر (174-136) بلغت إمبراطورية البارثيين أبعد حدودها، ومع أن هؤلاء البارثيين كانوا إيرانيين فيما يظن، لم تكن تتمثل الحضارة الإيرانية في عصرهم تماما إلا في طبقات الشعب، أما البلاط وكبار رجال الدولة فقد غلبت عليهم الحضارة الإغريقية، وكان إلحاق الملوك البارثيين نسبهم بالكيانيين غير ذي أثر كبير بعد أن صبغ الإسكندر وخلفاؤه البلاد بصبغة إغريقية قوية.
الساسانيون
Les Sassanides (226-641م)
ينتسبون إلى ساسان وهو شخص خرافي يزعمون أنه كان كاهنا في إصطخر. وهم فوق ذلك يصلون نسبهم بالكيانيين.
وقد كانت إيران في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد يحكمها عدة أسر صغيرة تخضع للبارثيين، فسمى العرب هذا العصر عصر ملوك الطوائف، وكان بابك على رأس إحدى هذه الأسر الصغيرة يحكم إقليما في فارس، ثم بدأ في التوسع على حساب جيرانه، واستطاع حفيده أردشير أن يهزم أردوان آخر ملوك البارثيين في إيران، فاغتصب عرشه وأسس الأسرة الساسانية التي ورثت، فيما ورثته عن البارثيين، النزاع بين إيران وروما ثم بيزنطة، فغزا أردشير أرمينية، وبدأ ذلك الكفاح الذي ظل قائما بين الإمبراطوريتين حتى سقوط الساسانيين لا تتخلله إلا فترات قصيرة، ولا ريب أن الفضل في العودة بإيران إلى مجدها الأول، والسير بها في ميدان الحضارة شوطا بعيدا؛ إنما يرجع إلى الدولة الساسانية، التي كان ملوكها أبطال الدفاع عن إيران والحضارة الإيرانية ضد الرومان ثم الإغريق في الغرب، وضد القبائل المغولية التركية في الشرق.
وقد اشتهر من ملوك هذه الأسرة شابور الأول، الذي غزا سورية وقاتل الرومان سنة 260، فأوقع بجيشهم هزيمة كبيرة وأسر إمبراطورهم (فالريان )، فخلد الفرس ذكرى هذا الحادث الجلل في نقوشهم البارزة على الصخور.
ومنهم بهرام الخامس الذي ارتقى عرش إيران بمعونة النعمان ملك الحيرة، والذي برع في الصيد فلقبوه بهرام جور (من گور بالفارسية ومعناها حمار الوحش)، وكانت أكبر مجهوداته صد القبائل التي كانت تهاجم الحدود الشمالية والشرقية لإمبراطوريته.
وفي سنة 531 ارتقى عرش إيران أنوشروان العادل الذي يتغنى بذكره شعراء العرب، فأصلح القوانين، ونظم الضرائب، واستتب الأمن في عصره، وانتصرت جيوشه في الحدود الشرقية والغربية، فأخضع سوريا ومد سلطانه إلى بلاد اليمن. واستطاع أبرويز الثاني أن يخضع سوريا والشام ومصر وآسيا الصغرى، وكاد يستولي على القسطنطينية، لولا أن نهض لصده الإمبراطور هرقل، فأوقع بالفرس في بلاد الجزيرة هزيمة كبيرة، واسترد ما استولى عليه أبرويز.
نامعلوم صفحہ
ولما كانت الإمبراطورية الساسانية وليدة نهضة وطنية ملكية دينية، فقد ظلت طول حكمها إيرانية وطنية للدين فيها المنزلة العليا، واستطاع ملوكها أن يبعثوا النظم الإدارية التي استحدثها دارا في عصر الدولة الكيانية، وأن يبثوا احترام الإدارة المركزية في نفوس حكام الأقاليم والمدن، وكان دين زردشت مرتبطا أوثق ارتباط بهذه النهضة المباركة، فكان دين الدولة الرسمي، وعظم نفوذ رجال الدين حتى أصبحوا خطرا على نظام الملكية نفسه، فحاول الملوك في القرن الرابع أن يصدوا هذا التيار، وذهب بعضهم ضحية مساعيه هذه، فخلع أردشير الثاني (379-383)، وقتل شابور الثالث (383-388) ويزدجرد الأول (399-420)، وكان هرمز الأول (272-273) قد اعتنق مذهب المانوية، وهو مزيج من الزردشتية والنصرانية، أساسه أن العالم نشأ عن أصلين: النور والظلمة، وعن النور نشأ كل خير، وعن الظلمة نشأ كل شر، ولكن امتزاج الخير والشر في هذا العالم شر يجب الخلاص منه، والمانوية يدعون إلى الزهد ويحرمون النكاح استعجالا للفناء، ويقرون بنبوة عيسى وزردشت، ويزعمون أن ماني هو النبي الذي بشر به المسيح، على أن تعاليمهم لم تلق في إيران نجاحا كبيرا، فلما مات هرمز وخلفه بهرام الأول (373-376) قتل ماني وشرد أصحابه.
وآخر من خرج على دين زردشت من ملوك إيران قباذ الأول (488-531) فاتبع مذهب مزدك وهو ثنوي أيضا، ولكنه يمتاز بتعاليمه الاشتراكية وإباحته الأموال والنساء، وكان قباذ يرمي بتأييد هذا المذهب إلى القضاء على نفوذ الأشراف ورجال الدين، ولكنه غلب على أمره وأقصي عن العرش، ورجع إليه ثانية بعد أن هجر تعاليم مزدك، ولا غرو في ذلك؛ فإنه مع أن الدولة الساسانية كان على رأسها عاهل يقدسه الشعب وينزله منزلة الآلهة، كانت طبقة الأشراف تنعم بسلطة واسعة وتسيطر على الأرض وتخرج للحكومة الموظفين ورجال الجيش، كما كان رجال الدين يحافظون على تعاليم زردشت، ولا يقف في سبيلهم شيء دون قمع كل الحركات الإصلاحية.
على أن النزاع الذي ظل قائما عدة قرون بين إيران وبيزنطة، كانت نتيجته إضعافها وقت بدء الدعوة الإسلامية وعجزها عن وقف تيار العرب حين بدءوا فتوحهم العظيمة، التي ما لبثت أن امتدت على إيران كلها.
الفتح الإسلامي
كانت قوة إيمان العرب بالعقيدة الإسلامية، ورغبتهم في نشر هذه الديانة، واعتقادهم بالقضاء والقدر، وعرفانهم خصوبة إيران ومصر والشام؛ نقول كان ذلك وغيره أكبر مشجع لهم في فتوحهم الواسعة، كما ساعدهم على ذلك ضعف الأمم العظيمة في ذلك الحين: الفرس في الشرق والرومان في الشمال، فسقطت مملكة الفرس في أيديهم، وبقيت تابعة رأسا للخلفاء، يرسلون إليها حكاما من قبلهم حتى أوائل القرن الثالث (التاسع الميلادي)، وكانت سياسة بني أمية العمل على إعلاء شأن العرب، وصبغ الدولة الإسلامية المترامية الأطراف بالصبغة العربية، فلم يلعب الفرس في عهدهم دورا كبيرا. ثم جاء العباسيون، فانتقل السلطان إلى يد الفرس الذين قامت على أكتافهم الأسرة الجديدة.
وما لبث العصر الذهبي للدولة العباسية أن آذن بالغروب، وبدأ الانحلال يدب في أركان الدولة الإسلامية، فأخذ حكام الأقاليم يطمعون في الاستقلال بها. وأقدمهم في إيران بنو طاهر وبنو الصفار.
الدولتان: الطاهرية 205-259ه/820-872م، الصفارية 254-290ه/867-903م
وتنسب الأولى إلى طاهر بن الحسين المشهور بذي اليمينين، والذي كان قائدا في خدمة المأمون فكافأه بولاية خراسان، وبقي الحكم في أسرته أكثر من خمسين عاما حتى قضى عليها بنو الصفار. وأول ما كان من أمر هؤلاء أن عميدهم يعقوب بن الليث، الذي كان يصنع الصفر (النحاس)، تولى حكم سجستان ومد سلطانه في هراة وفارس، ثم هزم بني طاهر واستولى على خراسان، وأراد فتح بغداد فهزمه الموفق أخو الخليفة، ومات يعقوب سنة 265ه/878م فخلفه أخوه، ولكن بني سامان ما لبثوا أن أزالوا دولته.
الدولة السامانية 261-389ه/874-999م
كان سامان فارسيا من أشراف بلخ، دخل في الإسلام في عصر الدولة العباسية وظهر أحفاده الأربعة في خدمة المأمون، فولاهم بلاد ما وراء النهر، وحكم أحدهم فرغانة وسمرقند وكشغر، واستطاع ابنه من بعده أن يمد سلطانه من حدود الهند إلى قرب بغداد، واشتهرت بخارى في عهد هذه الأسرة بفطاحل العلماء ونوابغ الباحثين. وعمل السامانيون على إحياء السنن الإيرانية وألحقوا نسبهم بالبطل الإيراني بهرام چوبين، وبدأت في عهدهم الحركة الوطنية للنهضة باللغة الفارسية؛ فظهر الرودكي عميد شعراء الفرس الأولين، ونظم الدقيقي منظومة كبيرة لنوح بن نصر يقص فيها حوادث إيران في عهد أحد ملوكها الخرافيين، وقد أدخل الفردوسي هذه المنظومة في الشاهنامة، والفردوسي نفسه بدأ حياته الأدبية في خدمة السامانيين.
نامعلوم صفحہ
بنو بويه 320-448ه/932-1056م
بينما كان السامانيون يحكمون شرقي إيران ظهر في غربها بنو بويه الذين يدعون أيضا أنهم من نسل الساسانيين، وكان بويه يرأس قبيلة عظيمة تسكن جنوبي بحر قزوين، خضعت للسامانيين ثم لمردويج الزياري، الذي ولى علي بن بويه الخراج، وما لبث ابن بويه أن اتخذ جندا من الديلم وجعل يمد نفوذه جنوبا بمساعدة إخوته، حتى اضطر الخليفة أن يعترف بولايتهم على ما فتحوه، فاستقر بذلك سلطانهم في جنوبي فارس، ثم مدوه إلى بغداد نفسها حين دخلوها سنة 334ه/945م، ومنح الخليفة أحدهم لقب أمير الأمراء، فصارت لهم الكلمة العليا في أمور الدولة حتى سنة 447ه/1055م، وكان أشهرهم عضد الدولة 338-372ه الذي وسع نطاق التجارة وشمل برعايته العلوم والفنون.
الدولة الغزنوية 351-582ه/962-1186م
بدأ العنصر التركي يلعب في الإمبراطورية الإسلامية دورا مهما منذ أخذ الخلفاء العباسيون وملوك الأسر الفارسية يستخدمون أفراده في بلاطهم ويتخذون منهم الجند المرتزقة، وكان سقوط بني سامان في نهاية القرن الرابع إيذانا بانتقال السيادة في بلاد العجم من الإيرانيين إلى أتراك أواسط آسيا، وظلت إيران حتى القرن العاشر يحكمها ملوك من الترك أو المغول؛ على أن هذه العناصر كانت تصطبغ فيها بالصبغة الإيرانية، حتى ليمكن القول إن الأسر التي توالت على عرش إيران منذ القرن العاشر حتى القرن العشرين يمكن اعتبارها وطنية، سواء في ذلك من كان منها تركي الأصل ومن كان منها عريقا في إيرانيته.
وأول الدول التركية التي حكمت إيران هي الأسرة الغزنوية، والأصل في تكوينها أن مملوكا تركيا يسمى ألبتكين، ترقى في خدمة عبد الملك الساماني، ثم اعتصم بعد وفاته بجبال أفغانستان متحديا سلطان السامانيين، وما لبث أن أقام حكومة صغيرة في غزنة بأفغانستان، ولكن المؤسس الحقيقي للأسرة الغزنوية هو صهره سبكتكين، الذي اعترف به الخليفة وغزا البنجاب؛ وانتهز ابنه محمود من بعده فرصة انحلال الدولة السامانية، فضم خراسان إلى أملاكه، وأخذ من البويهيين العراق العجمي وجرجان، وأحرزت جيوشه انتصارات عديدة في البنجاب؛ حيث بذر بذور الإسلام في الهند، وامتدت أملاكه إلى لاهوز، كما امتدت إلى سمرقند وأصبهان، وكان محمود بن سبكتكين من السنيين الغلاة، فاضطهد المعتزلة وحرق مؤلفاتهم، ولكن الدولة بلغت في عهده أوج عزها، وكان بلاطه محط شعراء الفرس، فقدم له الفردوسي الشاهنامة أعظم الكتب الفارسية القصصية.
السلاجقة 429-700ه/1037-1300م
عرفنا كيف ضعف سلطان العباسيين منذ القرن العاشر ولم يتعد نفوذهم بلاد العراق، وكيف كثرت الجنود المرتزقة من الأتراك في خدمة الخليفة، فاغتصبوا السلطان السياسي منه شيئا فشيئا، وزاد نفوذ قومهم في أنحاء الإمبراطورية الإسلامية.
والسلاجقة يعرفون بهذا الاسم نسبة إلى زعيمهم سلجوق، الذي كان رئيس قبيلة تركمانية من بلاد ما وراء النهر، تمكنت من بسط نفوذها على خراسان، وزادت قوتها بعد سلجوق حتى استولى حفيده طغرلبك على الولايات الغربية للدولة الغزنوية، ثم سار إلى بغداد فدخلها سنة 447ه/1055م، وقضى على دولة بني بويه الشيعية فقلده الخليفة السلطة الدنيوية، وأخذ السلاجقة يمدون نفوذهم شيئا فشيئا؛ حتى شمل إيران والعراق وآسيا الصغرى والشام.
وفي عهد السلطان ألب أرسلان الذي خلف طغرلبك أوقع السلاجقة بالبيزنطيين هزيمة كبيرة في ملاذكرد سنة 464ه/1071م، فوقعت أرمينيا في أيديهم وتمهد الطريق أمامهم للسيطرة على آسيا الصغرى وتهديد القسطنطينية.
وبلغت دولة السلاجقة أوج عزها في عصر ملكشاه ووزيره نظام الملك، اللذين اهتما بشئون الرعية وعطفا على الشعراء والعلماء، وظهرت في عهدهما المدارس والجامعات، ولما مات ملكشاه سنة 485ه/1092م ضعفت دولته وانقسمت بين أبنائه وأقاربه الذين كان يعينهم حكاما ويطلق عليهم اسم الأتابكة.
نامعلوم صفحہ
هذا ولا ريب في أن المدة التي حكمها السلاجقة منذ دخولهم بغداد إلى وفاة السلطان سنجر سنة 552ه/1157م تعتبر من أزهى عصور الفن الفارسي، وممن أنجبهم العصر السلجوقي الإمام الغزالي وعمر الخيام.
دولة ملوك خوارزم 470-617ه/1077-1220م
أول أمرها أن أنوشتكين الذي كان عاملا على خوارزم من قبل السلطان السلجوقي ملكشاه مات، فخلفه ابنه وأراد أن يشق عصا الطاعة فطرده السلطان سنجر من خوارزم، ولكنه أفلح في العودة إلى هذا الإقليم وأخذ هو وخلفاؤه يبسطون نفوذهم في إيران، ثم انحازوا إلى المذهب الشيعي، وعقدوا العزم على القضاء على الخلافة العباسية لو لم يداهمهم جنكيز خان بجنوده المغول، وقد ظهر في عصر هذه الأسرة كثير من أدباء الفرس وشعرائهم، كنظامي وعطار.
المغول 656-736ه/1258-1336م
غزا المغول بأمر جنكيز خان بلاد ما وراء النهر وشرقي إيران سنة 618ه/1221م ودمروا كثيرا من المدن التي مروا بها، وكان ذلك من أكبر الكوارث في تاريخ إيران.
ولكن الذي وطد قدم المغول في بلاد الفرس إنما هو هولاكو، الذي كان يحكمها في منتصف القرن السابع الهجري (الثالث عشر) من قبل أخيه الأكبر، والذي استولى على بغداد سنة 656ه/1258م وقتل المستعصم آخر خلفاء العباسيين، ثم أسس في فارس أسرة حكمتها حتى سنة 736ه/1336م هي الأسرة الإيلخانية، وكان احتكاك التتار بالحضارة الإيرانية مهذبا لهم؛ فكانت إدارتهم بعد هولاكو حازمة رشيدة تمتاز بالتسامح، وما لبثوا أن اعتنقوا الإسلام، وظلوا حريصين على الاتصال ببني عمومتهم من التتار البوذيين في الصين ، ومن ثم كان عصر هذه الأسرة يمتاز في إيران بالأثر الصيني في الفن وفي الحياة الاجتماعية.
وقد كان نمو النظام الإقطاعي في إيران سببا في القضاء على حكم خلفاء هولاكو، وظلت البلاد نحو خمسين عاما بعد سقوط هذه الأسرة مقسمة إلى دويلات محلية صغيرة، مثل الدولة المظفرية في فارس وكرمان 713-795ه/1313-1393م، ودولة الكرت في هراة، ودولة الجلائريين في العراق، وغيرها من الدويلات التي بقيت حتى قضى عليها تيمورلنك في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر).
تيمورلنك وخلفاؤه 771-906ه/1369-1500م
ولد تيمورلنك في بلاد ما وراء النهر سنة 736ه/1335م من أسرة تركية عريقة في المجد، ولما وطد نفوذه في وطنه سار إلى إيران فهزم دويلاتها المختلفة ووحد السلطان فيها، ثم انطلق إلى روسيا وزحف إلى موسكو، وتحول بعد ذلك إلى الهند فتتابعت انتصاراته حتى احتل دهلي سنة 801ه/1398م، وما لبث أن أوقع بالسلطان العثماني بايزيد الهزيمة الكبرى عند أنقره سنة 804ه/1402م، وقد كان تيمورلنك مخربا في فتوحه متناهيا في القسوة والهمجية، ولكنه إن كان قد خرب شيراز ودهلي ودمشق وبغداد فإنما فعل ذلك ليجمل سمرقند عاصمة ملكه؛ حيث يوجد قبره الذي يعد من عجائب الفن الإسلامي.
وبعد وفاة تيمورلنك سنة 807ه/1405م دب النزاع بين ورثته، واستطاع أخيرا شاه رخ رابع أبنائه أن يرغم أقرباءه على الاعتراف به، فتربع على عرش إيران وبلاد ما وراء النهر، وجعل هراة عاصمته وجذب إليها طائفة كبيرة من الشعراء ورجال الفن؛ فازدهرت الآداب والفنون في عهده وفي عهد خلفائه.
نامعلوم صفحہ
الدولة الصفوية 907-1148ه/1502-1736م
وتنتسب للشيخ صفي الدين أحد أولياء أردبيل الذي استطاع حفيده الشاه إسماعيل أن يهزم التركمان في غرب إيران، وأن يؤسس سنة 907ه/1502م أسرة حكمت بلاد الفرس حتى سنة 1148ه/1736م وألحقت نسبها بالإمام علي بن أبي طالب، وأصبح المذهب الشيعي منذ توليها الحكم المذهب الرسمي لبلاد إيران، ولم يكن العثمانيون - وهم أبطال الجنس التركي والمذهب السني - ليتركوا الفرس تتحد كلمتهم ويزداد نفوذهم، فبدأ نزاع طويل بين الشعبين ، وسار السلطان سليم سنة 920ه/1514م بجيوشه قاصدا تبريز عاصمة الشاه إسماعيل، فانتصر على جيوش إيران نصرا مبينا واستولى العثمانيون على الأملاك الغربية للإمبراطورية الصفوية، وزاد الطين بلة أن قبائل التركمان كانت دائمة الغزو للحدود الشرقية، فقضى الشاه طهماسب (930-984) مدة حكمه يكافح هذين الخطرين.
على أن العصر الذهبي للأسرة الصفوية إنما هو حكم الشاه عباس الأكبر (985-1038)، فقد اعتلى العرش والخطر محدق بإيران، يهدد التركمان حدودها الشرقية الشمالية، ويستولي الأتراك على أذربيجان، فتمكن من استعادة أملاكه المحتلة وتابع انتصاراته حتى طرد الترك من بغداد سنة 1032ه/1623م، ثم عمل على مضايقتهم بإنشائه العلاقات الحسنة مع الدول الأوروبية وبإدخاله النظم الحديثة في جيشه وإدارته. ومن أهم حوادث حكمه نقل العاصمة إلى أصفهان التي جملها وبنى فيها المساجد والقصور والطرق المعبدة، فزارها ووصف عظمتها الغربيون من الأجناس المختلفة.
وأما خلفاؤه فقد اتبعوا سياسته بالرغم من استبدادهم وخلاعتهم، وهم إن لم يستطيعوا الاحتفاظ ببغداد فاستعادتها الدولة العثمانية، فقد حافظوا على البلاد الإيرانية وقلدوا الشاه عباس في تعضيد الفن ورجاله، وفي مواصلة العلاقات الطيبة بالدول الأوروبية.
ولكن عوامل الضعف أخذت تدب في الدولة الصفوية حتى ثار الأفغان عليها في عهد الشاه حسين (1105-1135)، وقد كانوا حتى ذلك التاريخ تابعين لها، ويمكن اعتبار هزيمتهم للشاه حسين سنة 1135ه/1722م واستيلائهم على أصفهان إيذانا بسقوط الدولة الصفوية، ولو أن بعض أفرادها ظلوا يحكمون في مازندران نحو عشر سنين.
نادر شاه
اقترن غزو الأفغان لفارس بفوضى شاملة هب على أثرها القائد الأفشاري نادر قلي، معلنا عزمه على طردهم وتثبيت عرش الصفويين، ولكنه ما لبث أن خلع آخر ملوكهم واغتصب العرش لنفسه سنة 1148ه/1736م، ثم سار على رأس جيوشه، فأخضع أفغانستان وتوغل في الهند حتى استولى على دهلي ونهب كنوزها، ولكن حكمه لم يدم طويلا، ووقعت البلاد بعد قتله سنة 1160ه/1747م في فوضى كبيرة.
الزنديون 1163-1209ه/1750-1794م
انقسمت إيران في عهد خلفاء نادر شاه إلى دويلات صغيرة، ولكن كريم خان الزندي ما لبث أن مد سلطانه على كل إيران إلا خراسان، حيث بقي آخر خلفاء نادر شاه.
أسرة قاجار 1193-1345ه/1779-1926م
نامعلوم صفحہ
بعد وفاة كريم خان قام نزاع طويل بين خلفائه وبين محمد أغا من قبيلة قاجار التركية، واستطاع الأخير أن يؤسس أسرة جديدة وأن ينقل العاصمة إلى طهران، ومن أشهر ملوك هذه الأسرة ناصر الدين شاه، الذي خطا في سبيل إدخال الحضارة الأوروبية في إيران خطوات كبيرة، وفي عهد هذه الأسرة ظلت روسيا تهدد إيران وتغتصب أطرافها البعيدة، وبدأت الدول الأوروبية تقسمها إلى مناطق نفوذ ، ثم كانت الحرب الكبرى وخلفت في إيران ما خلفته في غيرها من مشاكل وأزمات، انتهت بظهور رجل قوي لتوحيد البلاد والنهضة بها.
رضا خان بهلوي 1345ه/1926م
وهو جلالة شاه إيران الحالي أصله من فلاحي مازندران، دخل الجيش ووصل فيه إلى مرتبة القيادة، ثم سار إلى العاصمة بعد قتال مع الروس سنة 1921م، فألف وزارة دخلها وزيرا للحربية، وضعف نفوذ الشاه أحمد فغادر البلاد وأقام في باريس حتى عزل في سنة 1925م، واعتلى العرش جلالة شاه رضا خان مؤسسا الأسرة البهلوية، ونهضت البلاد في عهده بفضل إدخال الأنظمة الحديثة وإرسال البعثات العلمية ودخول إيران في عصبة الأمم.
الفصل الأول
نشأة التصوير الفارسي
للصور الفارسية جمال وسحر يأخذان بمجامع القلوب، والمرء يزداد بها إعجابا كلما ألقى جانبا أية محاولة لمقارنة بدائع هذا الفن بما أنتجه فنانو الغرب ومن نسج على منوالهم، فقد يكون سهلا الحط من قيمة التصوير عند الفرس بإظهار عيوبه والمزايا التي تنقصه، ولكن ذلك خلط لا داعي إليه، فهناك صفات لا يحاول هذا الفن أن يحصل عليها وهو إن حصل عليها سار في طريق الاضمحلال، ولكن شيئا واحدا لا يستطاع نكرانه: هو أن الصور الفارسية وحيدة في بابها توحي للرائي نوعا من السرور لا تستطيع غيرها أن توحيه.
وقد تبدو الصور الفارسية لأول وهلة مملة تجهد العين بألوانها الساطعة، وقد تظهر أيضا كثيرة التشابه؛ نظرا للتقاليد الوضعية التي يشترك في احترامها المصورون: كإهمال الظل وكرسم الأشخاص في أوضاع معينة، وقد تنقصها الروح والحركة ودقة التعبير لما بين ملابس الجنسين فيها من خلاف يسير، ولكن هذه الخصائص هي هي التي جعلتها تحتل في ميدان الفن ركنا مستقلا لا ينازعها فيه منازع.
على أن معلوماتنا عن التصوير الفارسي قبل الإسلام لا تزال ضئيلة، رغم ما أنتجته أخيرا البعثات الأثرية الألمانية والإنجليزية والفرنسية في فارس وأواسط آسيا وأفغانستان وشمالي الهند.
ماني
تحدثنا المصادر التاريخية والأدبية أن ماني المصلح الفارسي الذي عاش في إيران في القرن الثالث، والذي أسس المذهب الذي ينسب إليه؛ كان مصورا ماهرا ، وكانت تعاليمه تشير بتزيين الكتب الدينية بالرسوم المصغرة، ويعد ذلك من خير الوسائل للتبشير ونشر الدعوة.
نامعلوم صفحہ
وقد ثبتت صحة هذه المعلومات بما كشفه الألمانيان فون لوكوك
Von le Coq
وجرينفيدل
Grünwedel
في طرفان (بصحراء غوبى من أعمال التركستان الصينية) التي كانت بين سنتي 143-226ه/760-840م مقرا لحكومة تركية الجنس مانوية المذهب هي إمبراطورية الأويغور
Uigur .
1
وجل ما وجده هذان العالمان محفوظ الآن بمتحف علم الشعوب في برلين، وتشمل اكتشافاتهما صورا على الجدران ورسوما إيرانية لا شك فيها، وفي بعضها نقوش على شكل أغصان وزخارف من العهد المغولي، وهناك أيضا صفحات كشفها هذان العالمان في قزيل
Qizil
بجوار كوتشا مرسوم عليها أشخاص بطريقة تتضح منها الصلة المتينة بين هذه الصناعة وبين ما نجده في إيران بعد الإسلام.
نامعلوم صفحہ
2
وهناك أيضا اكتشافات البعثة الأثرية في أفغانستان التي وسعت معلوماتنا في هذا الصدد، ففي الصور التي على صخور باميان
Bamiyan
والتي درسها الأستاذ جودار
A. Godard
والسيدة قرينته عناصر هندية ويونانية قديمة، ولكن فيها أيضا عناصر ساسانية تظهر جليا في رسوم بعض الملوك، ونحن نتبين من ذلك كله أن الحضارة الإيرانية امتد نفوذها في أواسط آسيا، وظل أثرها في تلك الأقاليم واضحا جليا عدة قرون بعد سقوط الساسانيين أنفسهم.
الإسلام
تتابعت الفتوحات العربية وأصبحت إيران جزءا من الإمبراطورية الإسلامية، ونشر العرب فيها دينهم وجعلوا العربية لغة العلم والأدب والدين، بيد أن الفرس - كغيرهم من الشعوب التي غلبها العرب على أمرها - أثروا في الفاتحين، وكانوا أكبر عون لهم على خلق فن إسلامي طبعه العرب بطابع دينهم وظهرت فيه شخصيتهم البارزة، ولكن أساسه مدنيات فارس وبيزنطة وآشور وكلديا ومصر.
وقد كان أكثر العرب في الجاهلية بدوا لا حضارة لهم، والبداوة بطبيعتها ليست مرتعا خصبا تترعرع فيه الفنون، ولسنا مع ذلك نستطيع أن ننكر أنهم عرفوا في الجاهلية رقم الصور ونحت التماثيل ليتخذوها آلهة لهم، فلما بعث فيهم النبي
صلى الله عليه وسلم
نامعلوم صفحہ
نهى عن نحت التماثيل والتصوير؛ رغبة منه في أن يبعد أتباعه عن كل ما يقربهم لعبادة الأوثان.
3
وقد كتب المستشرقون كثيرا عن تحريم التصوير في الإسلام، وزعم بعضهم أن القرآن حرم رقم الصور وصناعة التماثيل، وهذا باطل لا أساس له. وقال آخرون إنما حرمه الحديث وهذا صحيح، وذكروا أن الشيعة لا تقر حديث التحريم، وبذلك عللوا ازدهار صناعة التصوير في فارس حيث يسود المذهب الشيعي،
4
وهذه مغالطة أيضا. فإن النحت والتصوير مكروهان عند علماء الشيعة كراهتهما عند علماء أهل السنة، وإن كان الشيعيون لا يعترفون بكل ما لدى السنيين من كتب الحديث، فإن لهم كتبا خاصة تشمل ما يعترفون به من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وفيها ما يوجد في كتب أهل السنة من نهي عن التصوير وإنذار للمصورين بأنهم سوف يكلفون يوم القيامة أن ينفخوا في صورهم الروح وليسوا بنافخين.
5
ولاريب أن التفرقة بين المسلمين في موقفهم من النحت والتصوير راجعة إلى أن بلاد إيران - وهي كما نعلم أكبر ميدان للتصوير الإسلامي - معروفة بأنها دولة شيعية، ولكن المستشرقين الذين زعموا أن الشيعة لا ينهون عن التصوير ينسون في الوقت نفسه أن المذهب الشيعي لم يصبح الدين الرسمي لبلاد إيران إلا منذ أول القرن العاشر الهجري (السادس عشر) حين اعتلت العرش الأسرة الصفوية، وهم ينسون أيضا أن مثل هذه الكراهية للتصوير في الإسلام لم تكلف العرب كثيرا، فهم لم يكونوا أساتذة في هذا الفن كما كان الفرس الذين ورثوا الميل إليه عن أسلافهم، ولم يكن في طبعهم كالساميين إعراض يكاد يكون فطريا عن هذا الفن، فلم يكن بد من أن يسبق الفرس غيرهم في غض الطرف عن هذه الكراهية، ومع ذلك ظل المصورون مكروهين عند رجال الدين في إيران.
على أن في تاريخ الفن الإسلامي ملوكا وأمراء كثيرين كانوا من أكبر دعاة التصوير ومعضديه دون أن يكونوا شيعيين، فالخليفة الأموي الذي شيد قصير عمرا ببادية الشام وزين جدرانه وسقفه بالنقوش الجميلة،
6
والخلفاء العباسيون الذين زينوا قصورهم في سامرا «سر من رأى» بالنقوش المختلفة الألوان،
نامعلوم صفحہ
7
وملوك إيران من أسرة تيمور الذين ازدهر في عهدهم فن التصوير وظهر تحت رعايتهم بهزاد كبير مصوري إيران، وكذلك سلاطين المغول في الهند وآل عثمان في تركيا؛ كل هؤلاء كانوا سنيين.
وقصارى القول أن المسلمين من سنيين وشيعيين مجمعون على كراهية النحت وتصوير الأحياء لما فيهما من تقليد للخالق عز وجل، ولما ورد في الحديث من أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير، وأن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون، وأن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم إلخ ...
لذلك عني المسلمون بإبداع رسوم جميلة يندر تصوير الأحياء فيها، ولكن تتكون من أشكال نباتية وهندسية يتداخل بعضها في بعض وتكون زخارف أصبحت من مميزات الفن الإسلامي، وما لبث الخط العربي أن صار عونا للمسلمين في الرسم والزخرفة.
وبالرغم من ذلك كله عرف المسلمون فن تصوير الأحياء، وكانت عصور ازدهر فيها ذلك الفن، وأعظم ما وصل إلينا من بقايا الصور في صدر الإسلام نجده في قصير عمرا الذي كشفه العالم النمسوي موزيل
Musil
سنة 1898م شمالي شرقي البحر الميت، وأكبر الظن أن خليفة أمويا بناه في أول القرن الثامن ليكون مقرا لراحته ولهوه، والبناء من حجر الجير ويشمل إيوانا مستطيلا ملحقا به عدة قاعات، وعلى سقوفها نقوش أحدها يمثل الملوك الستة الذين هزمهم الأمويون، وهناك أخرى فيها راقصون وموسيقيون وأشخاص عراة وآخرون يقومون ببعض التمرينات البدنية، ثم مناظر لصيد الحيوانات البرية، وفي القاعة الرئيسية نقش يمثل أميرا على عرش، لعله الأمير الذي شيد القصر له؛ على أن صناعة كل هذه النقوش صناعة تكاد تكون بيزنطية متأثرة إلى حد ما بالفن الساساني.
ونقوش قصير عمرا تختلف كثيرا عما نراه بعد ذلك من نقوش إسلامية كالتي عثر عليها الأستاذان زره وهرتزفلد في سامرا (سر من رأى)، وهي التي شيدها المعتصم سنة 223ه/838م في شمالي العراق واتخذها عاصمة للخلافة فرارا من تصادم عسكره الترك بسكان بغداد، وقد اتسعت المدينة الجديدة في عهد خلفائه حتى هجرها المعتمد سنة 270ه/883م وأعاد الخلافة إلى بغداد، وقد أسفرت أعمال الحفر في أطلال سامرا عن اكتشافات كثيرة قامت بها البعثة الألمانية وعلى رأسها العالمان السالفا الذكر، ورفع ما كان قد غشي جامع المتوكل ومنارته المعروفة بالملوية، والتي كانت أنموذجا لمنارة الجامع الطولوني بمصر، ووجدت أطلال دور كثيرة على جدرانها نقوش هندسية ونباتية بارزة أو غائرة في الجص.
8
ولكن ما يهمنا الآن مما عثر عليه المنقبون هي النقوش الملونة التي تشبه في موضوعاتها نقوش قصير عمرا، فمنها الأجسام العارية والراقصات ومناظر الصيد والحيوانات، ومع أننا نعرف من المصادر التاريخية ومن التوقيعات التي وجدت أن فنانين مسيحيين اشتركوا في عمل هذه النقوش، فإن صناعتها مشتقة من الفن الساساني، حتى إن الأستاذ هرتزفلد يعتبرها آخر مثال للتصوير في هذا الفن.
نامعلوم صفحہ
ولعل أقرب نقوش إسلامية مصرية إلى نقوش سامرا هي تلك التي عثرت عليها دار الآثار العربية في شتاء سنة 1932 بجهة أبي السعود في جنوبي القاهرة، والتي ترجع إلى عهد الدولة الفاطمية، وتتكون من صور كانت على الجدران، وفي صناعتها تأثير فارسي واضح، ففي جزء منها نرى المناظر يحيط بها صف من حبات بيضاء على أرضية سوداء، ونرى في بعضها صورا لأشخاص أحدها يحمل كأسا بيده اليمنى على النحو الذي نراه كثيرا على نقوش الخزف والأواني الساسانية، وفي إحداها رسم طائرين متقابلين تعلوهما فروع نباتية حمراء حولها شريط أسود به نقط بيضاء، وفي ثانية رأس شاب يلتفت إلى اليسار، وفي ثالثة سيدة تتدلى عصابة رأسها في الجهة اليمنى. وقد عرضت دار الآثار العربية مكتشفاتها هذه لأول مرة في معرض الفن الفارسي بسراي تجران باشا في يناير وفبراير سنة 1935.
9
اللوحة رقم 1
شكل 1
شكل 2
صورتان وجدتا على جدران حمام فاطمي بجهة أبي السعود في جنوبي القاهرة (القرن الرابع أو الخامس الهجري. دار الآثار العربية).
أما تزيين الكتب بالصور المصغرة فهو الميدان الذي حازت فيه إيران قصب السبق، ونحن نعلم أن صناعة الورق تلقاها أهل سمرقند عن الصينيين في منتصف القرن الثاني (الثامن الميلادي)، وما لبثت أن عمت العالم الإسلامي في أواخر القرن الثالث (التاسع الميلادي).
ولعل أقدم الصور الإسلامية المصغرة التي وصلت إلينا هي تلك التي عثر عليها في الفيوم وفي الأشمونين، والمحفوظة الآن في فينا بمجموعة الأرشيدوق ربنر؛ ويرجع تاريخ المخطوطات التي تشمل هذه الصور إلى آخر القرن الثالث والقرن الرابع، وتبدو في صناعة الصور المذكورة تأثيرات بيزنطية وقبطية وحبشية وساسانية.
10
وأكبر الظن أن صناعة الصور المصغرة لتزيين المخطوطات ظهرت في إيران والعراق في القرن الثالث، ونظن أن المسلمين استخدموا في هذه الصناعة بادئ ذي بدء فنانين غير مسلمين إلى أن انتهى عصر الدراسة والاقتباس والتقليد، واستطاع المسلمون ممارسة العمل بأنفسهم، وكانت الصور التي اتخذوها أنموذجا لهم وتأثروا بها هي صور المانويين واليعاقبة، وربما تأثروا بصور النساطرة أيضا.
نامعلوم صفحہ