172

تسلیہ مجالس

تسلية المجالس و زينة المجالس - الجزء1

اصناف

أراد سبحانه ليبلو عباده أيهم أشد مخالفة لأمره، وحذرا من زوره ومكره، وتباعدا من موبقات زخارفه، وفرارا من موديات مواقفه، فصدق اللعين عليهم ظنه، وزين لهم ما فرض عليهم وسنه، فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين، وعبدوه إلا قليلا من المخلصين، واتخذوه ربا دون خالقهم، وابتغوا عنده الرزق دون رازقهم، ونصروا أولياءه، وقهروا أعداءه، وذهبوا بهم كل مذهب، وسدوا عليهم كل مطلب، واتخذوا الأوثان أربابا، والأصنام أنصابا، وقتلوا النبيين، وفتنوا المؤمنين.

فهم أبناؤه المخلصون في طاعته، والمناصحون في متابعته، زين لهم دينه، فاتبعوا قوله وفعله، وموه لهم سبيله، فاتخذوه وجهة وقبلة، وبحروا له البحيرة، وسيبوا السائبة، ووصلوا الوصيلة بأحلامهم العازبة، فالصبور الشكور نوح، والخليل والكليم والروح، كم نصبت أسلافهم لهم العداوة والبغضاء، وأغرت أخلاقهم بهم السفهاء؟ حتى نادى نوح: رب (أني مغلوب فانتصر) (1)، والقي الخليل في نار ضرامها يستعر، وفر الكليم من الظالم الأشر، وابن مريم لو لا ان الله تعالى رفعه إلى سمائه لأحلوا به الشيء النكر.

ثم لم يزل الأشرار من أشياعه، والفجار من أتباعه، والأرجاس من ذريته، والأوغاد من حفدته، ترفع بالأنبياء (2) أوصياءهم، وتقصد بالأذى المخلصين من أوليائهم، إلى أن انتهت النوبة إلى سيد المرسلين، وخاتم النبيين، فنصبوا له غوائلهم، وفوقوا نحوه معابلهم، حتى قتلوا في بدر واحد أهله، وراموا بجدهم وجمعهم قتله، وأخرجوه عن عقر داره، وطردوه عن محل قراره، وحزبوا أحزابهم على حربه، وركبوا الصعب والذلول في طلبه، وضربوا بطون

صفحہ 199