تسلیہ مجالس
تسلية المجالس و زينة المجالس - الجزء1
اصناف
وبحروا البحيرة، وسيبوا السائبة (1) ببدعة جاهليتهم؟ أما كان سبحانه قادرا حين آذوا الرسول وراموا قتله على مسخهم قردة خاسئين (2)؟ أكان عاجزا لما أخرجوا نبيهم أن ينزل عليهم آية فتضل أعناقهم لها خاضعين (3)؟
بلى هو القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء، القاهر فلا يفلت من قبضة سطوته من دنا أو نأى، الذي لا يزيد في ملكه طاعة مطيع من عباده، ولا ينقص من سلطانه معصية متهتك بعباده، لكنه سبحانه أمهلهم بحلمه، وأحصاهم بعلمه، ولم يعاجلهم بنقمته، ولم يخلهم من رحمته، وفتح لهم أبواب الهدى إلى رضوانه، وحذرهم سلوك سبيل الردى إلى عصيانه، وكلفهم بالتكاليف الشاقة من بعثتهم على طاعته، وحذرهم من الأعمال الموبقة بنهيهم عن مخالفته، ونصب لهم أعلاما يستدلون بمنارهها من حيرة الضلالة في مدارج السلوك، ونجوما يهتدون بأنوارها من مداحض الجهالة ومهالك الشكوك.
ولما كان سبحانه منزها عن العرض والجسم، مقدسا عن التركيب والقسم، لا تخطر صفته بفكر، ولا يدرك سبحانه ببصر، ولا تعده الأيام، ولا تحده الأنام، قصرت الأفكار عن تبصرة كماله، وحارت الأنظار عن تحديد جلاله، وحسرت الأبصار عن مشاهدة جماله، وتاهت الأفهام في بيداء معرفته، وكلت الأوهام عن تعيين صفته.
لم يخلق سبحانه خلقه عبثا، ولم يتركهم هملا، بل أمرهم بالطاعة وندبهم إليها، وكلفهم بالعبادة وأثابهم عليها، قال سبحانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا)
صفحہ 183