تأسیس میٹافزیقا اخلاق
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
اصناف
25
بينما الطبيعة «تصور من تصورات الفهم»، يثبت حقيقته الواقعة، ولا بد له أن يثبتها، بالأمثلة التي تقدمها التجربة.
سواء كان هذا هو الأصل الذي ينشأ عنه ديالكتيك العقل
26
إذ كنا نجد، فيما يتعلق بالإرادة، أن الحرية التي ننسبها إليها تبدو متناقضة مع الضرورة الطبيعية، وأن العقل وهو يقف في مفترق الطرق هذا يجد من «وجهة النظر التأملية» أن طريق الضرورة الطبيعية معبد وعملي أكثر بكثير من طريق الحرية؛ فإننا نجد مع ذلك من «وجهة النظر العملية» أن درب الحرية هو الدرب الوحيد الذي نستطيع ونحن نسير عليه أن نستخدم عقلنا في كل ما نأتي وما ندع من أفعال، وهذا هو السبب الذي يتعذر معه على أدق الفلسفات كما يتعذر معه على أكثر العقول الإنسانية جهالة أن يجادل في حقيقة الحرية جدلا سفسطائيا. وإذن فمن واجب العقل أن يفترض مقدما أنه ليس ثمة تناقض حقيقي بين الحرية والضرورة الطبيعية لنفس الأفعال الإنسانية؛ لأنه لا يستطيع أن يتخلى عن تصور الطبيعة كما لا يستطيع أن يتخلى عن تصور الحرية.
ومع ذلك فينبغي أن يمحى هذا التناقض الظاهري على الأقل بطريقة مقنعة، حتى لو لم يكن في مقدورنا أبدا أن نفهم كيف تصبح الحرية ممكنة.
27
إذ لو كانت فكرة الحرية تناقض نفسها أو تناقض الطبيعة، التي هي ضرورية كذلك، لتحتم أن يضحى بها في صالح الضرورة الطبيعية.
غير أنه من المستحيل الإفلات من هذا التناقض إذا تصورت الذات التي تعتقد في نفسها الحرية، أنها حين تزعم لنفسها الحرية تكون «بنفس المعنى وبنفس العلاقة» التي تكون عليهما حين تسلم بالقياس إلى الفعل نفسه بخضوعها للقانون الطبيعي؛ لذلك كانت المهمة الملقاة على عاتق الفلسفة التأملية، والتي لا سبيل لها إلى الفكاك منها، أن تبين على أقل تقدير أن الوهم الذي تقع فيه بسبب هذا التناقض يقوم على أننا، حين نصف الإنسان بأنه حر، نتصوره بمعنى وفي علاقة تختلف عما لو نظرنا إليه نظرتنا إلى قطعة من الطبيعة خاضعة لقوانينها، وأن الأمرين لا يمكنهما أن يوجدا معا فحسب، بل ينبغي أن نتصور أنهما متحدان اتحادا ضروريا في الذات الواحدة؛ إذ لو كان الأمر على خلاف ذلك لما كان في مقدورنا أن نفسر لماذا ينبغي علينا أن نرهق العقل بفكرة، وإن يكن من الميسور لها دون أن تقع في التناقض أن تتحد بفكرة أخرى تثبت صحتها إثباتا كافيا، إلا أنها تلقي بنا في مأزق يضايق العقل وحده في ميدان استعماله النظري. بيد أن هذا الواجب يلزم الفلسفة التأملية وحدها
28
نامعلوم صفحہ