تشیع فی شاعری مصری
التشيع في الشعر المصري في عصر الأيوبيين والمماليك
اصناف
نظر إليك فما أراه بمؤمن
والسبعة الأفلاك ما حركاتها
إلا مخافة أن تقول لها اسكني
25
فالشاعر هنا جعل النظر إلى الملك الأشرف لونا من ألوان العبادة! وأن الأفلاك تسير بأمره! وهي صفات خلعها عليه الشاعر مبالغة وغلوا، بينما هي صفات شيعية هي من صميم عقائد الشيعة في الإمامة، فإذا قيلت هذه الصفات في الملك الأشرف، أو في غيره من ملوك الأيوبيين، أو سلاطين المماليك فهي السخف بعينه؛ لأنها لا تقوم على أساس مذهبي أو عقيدة دينية ولكنها المبالغة والتقليد لما كان يجري في العصر الفاطمي في مصر، فبالرغم من أن الأيوبيين في مصر عملوا على محو التشيع، ونجحوا سياسيا في تقويض أركان دولة الفواطم، فإنهم لم يستطيعوا أن ينتزعوا من عقول المصريين هذه الآراء الشيعية، أو أن يمحوها محوا تاما، فقد رأينا من تلك الأمثلة التي أوردناها من الشعر كيف كان تأثير عقيدة الشيعة عظيما في هؤلاء الشعراء، حتى خيل إلينا أننا أمام شعراء من الشيعة يمدحون أئمة الشيعة.
على أننا نستطيع أن نقول: إنه بالرغم من ذلك كله، فإن التشيع ضعف في مصر شيئا فشيئا، حتى كاد يمحى منها وأصبحت مصر في القرن العاشر الهجري وما بعده تدين بمذهب أهل السنة والجماعة، ولم يكن ذلك عن طريق السيف والإرهاب فحسب، بل كان هنالك سبب أقوى من الإرهاب والسيف، وهو نشر العلم في مصر.
انتشر المذهب الفاطمي بمصر على يد عدد من الدعاة، واهتم الفاطميون بالدعاة اهتماما عظيما فوضعوا للدعاية أسسا وللدعاة شروطا،
26
فانبث الدعاة بين الناس؛ يكالبون أصحاب الفرق الأخرى ويحتجون عليهم، ويبطلون آراءهم، وأوهموا الناس أن الحق فيما يقوله الدعاة عن الأئمة، وما زالوا بالناس حتى أقبل على دعوتهم عدد كبير اعتنقوا المذهب رغبة أو رهبة، فشغلت عقائد الفاطميين أذهان الناس طوال العصر الفاطمي، وجاء عصر الدولة الأيوبية فأراد القائمون عليها أن يغيروا عقائد الشيعة في مصر، ورأوا أن الفاطميين نشروا مذهبهم عن طريق العلم، فحاربوا التشيع بنفس السلاح الذي استخدمه الفاطميون، وهو الدعوة إلى أهل السنة والجماعة عن طريق فتح المدارس السنية أولا، وتشجيع حركة التصوف ثانيا، وتشجيع المدائح النبوية ثالثا.
نامعلوم صفحہ