257

تصوف

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

اصناف

وقد تحقق شيء من هذه الأحلام، فأصغر إنسان يستطيع أن يعادي الوزراء والأمراء والملوك وهو واثق من السلامة ما دام يملك التدليل على أنه في جانب الحق.

ولا يستطيع وزير ولا أمير ولا ملك أن يخرجني من بيتي إلا إذا أعانه القانون.

ولا يملك أعنف خصومي أن يؤذيني إلا إذا ظلمت نفسي فخرجت على القانون.

وهذا جانب شعري في حياة الناس، الناس الموفقين الذين أنشأوا الشرائع والقوانين فقضوا على الظلم والبغي والإسراف.

ولكن نظرية الجيلاني لها سناد متين من الوجهة العقلية.

فبقليل من التأمل نرى العالم قام على أساس الشهوات وهي باب العصيان، فآدم خرج من الجنة بسبب ما اقترف من أكل الفاكهة الممنوعة، فماذا صنع حين طرد من الفردوس؟ كان خروجه هو الأصل في روعة هذا الوجود، ولو أن آدم لم يعص ربه لبقيت الأرض بلا سامر ولا أنيس، وظلت بلا حضارة ولا عمران، ولو بقي آدم في الجنة لحرم الجهاد في سبيل الفضيلة وفي سبيل الرزق وعاش غافي العواطف، خامد الإحساس.

وكيف يكون فهمنا لعظمة الله إذا حرمنا الشقاء بالعواطف والشهوات والأهواء؟ كيف كنا نعيش لو خلت دنيانا من اللهو والفتون؟

كيف كانت تطيب الدنيا لو لم نطع الله بالعصيان؟

كيف يكون العقل لو خلا من التمرد والثورة والاعتساف؟

إن أجمل أثر أدبي تركه الأولون هو «سفر أيوب» وإنما كان كذلك لأنه ناظمه وقف ربه أمام ساحة الجزاء.

نامعلوم صفحہ