تصوف اور امام شعرانی
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
اصناف
1 «أن خصوم الإسلام من الأمم المختلفة لما انهزموا حربيا وتحطمت دولهم، انتهزت بقاياهم الخصومات السياسية الإسلامية، فظهروا في صور شتى وألوان مختلفة، مرة في السياسية بإثارة الأحقاد، وبث الفتن والمكائد، وإذكاء نيران العصبية، ومرة بإفساد العلم والفكر عن طريق الوضع والافتراء، والتأويل الفاسد، وإثارة الشبه، والخوض فيما نهى الله ورسوله عنه.
كما غذيت هذه الخلافات وهذه السياسات بكثير من الروايات الملفقة، والأحاديث الموضوعة، والأخبار المفتراة، وامتلأت كتب التفسير والحديث والمغازي والمناقب بما لا يحصى من الأكاذيب،
2
فأصبح بجوار كل آية من كتاب الله رواية من الروايات تلوي بها عن مقاصدها، وبجوار كل حديث نبوي عشرات الأحاديث الكاذبة تزاحمه وتواثبه، وفي تاريخ كل عظيم أو مفكر أو عابد شائبات تنال منه.»
ولو ذهبنا نتقصى ألوان التزييف في التاريخ الإسلامي لما وسعتنا هذه العجالة التي خصصناها للتصوف والمتصوفة.
التصوف والمتصوفة اللذان كان نصيبهما من الدس والافتراء أعظم وأخطر من سواهما؛ لأن المزيفين أدركوا أن التصوف هو روح الإسلام، وأن المتصوفة هم قوته الروحية الضخمة، وشعلته الوضاءة المشرقة، فأرادوا أن يطفئوا هذا النور، وأن يلغوا في هذا البيان المبين.
يقول السهروردي في عوارف المعارف: «ثم إن إيثاري لهدي هؤلاء القوم، ومحبتي لهم علما بشرف حالهم وصحة طريقتهم المبنية على الكتاب والسنة، حدا بي أن أؤلف أبوابا في الحقائق والآداب، معربة عن وجه الصواب فيما اعتقدوه، شعر بشهادة صريح العلم لهم فيما اعتمدوه؛ حيث كثر المتشبهون، واختلفت أحوالهم، وتستر بزيهم المتسترون، وفسدت أعمالهم، وسبق إلى قلب من لا يعرف أصول علمهم سوء الظن، وكاد لا يسلم من وقيعة فيهم وطعن.»
ويقول محيي الدين في الفتوحات: «مما يفتح باب قلة الاعتقاد في أولياء الله وقوع زلة ممن تزيا بزيهم، وانتسب إلى مثل طريقهم، والوقوف مع ذلك من أكبر القواطع عن الله - عز وجل - قال تعالى:
ولا تزر وازرة وزر أخرى .
أجل، أكبر القواطع عن الله - عز وجل - أن يلتبس أمر الزائف من الصحيح في التصوف على الناس، فيرمي المتعجل التصوف قاطبة بالإفك والبهتان.
نامعلوم صفحہ