تصوف: روحانی انقلاب
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
اصناف
مذهب الثنوية القائلين بمبدأي النور والظلمة، ومذهب المجوس القائلين بوجود يزادن وأهرمان، ومذهب الطبيعيين الذين يقولون بوجود الطبيعة والقوة، ومذهب الفلكيين الذين يقولون بالكواكب السبعة، والمعتزلة الذين يقولون بما لا يتناهى من الخالقين.
2
أما «عين التوحيد» فهي تلك الحال التي أشرنا إليها، حال وحدة الشهود التي ليست علما ولا اعتقادا، ولا تخضع لوصف ولا تفسير، ووحدة الشهود المرادفة لعين التوحيد بهذا المعنى تختلف اختلافا جوهريا عن وحدة الوجود التي قد يقول بها الصوفي وغير الصوفي، والتي لا تتصل بالتجربة الصوفية إلا بالقدر الذي شرحناه، والظاهر أن «وحدة الشهود» هي أخص مظهر من مظاهر الحياة الصوفية إطلاقا بقطع النظر عمن يحصل له الشهود، وعن موطنه وجنسه ودينه، فإن الوثائق المعتمدة تثبت أنها حال عالمية جربها كبار الصوفية على اختلاف أديانهم وأجناسهم، وأطلقوا عليها، أو رمزوا إليها، بأسماء مختلفة، وهي الحال التي يسميها صوفية الإسلام بالفناء وعين التوحيد، وحال الجمع، وهكذا. يقول أبو سعيد الخراز: أول مقام لمن وجد التوحيد وتحقق بذلك، فناء ذكر الأشياء عن قلبه وانفراده بالله عز وجل.
3
ويقول أبو بكر الشبلي لرجل: «أتدري لم لا يصح توحيدك؟» فقال: لا، فقال: «لأنك تطلبه بك.»
4
فالشبلي يطالب هذا الرجل برفع الاثنينية لكي لا يرى إلا الله وحده؛ لأنه يعتبر الشعور بالذات حائلا دون الشعور بالوحدة، وحجابا كثيفا يستر المحب عن المحبوب، وفي هذا المعنى يقول الحسين بن منصور الحلاج فيما أثر عنه من أبيات:
بيني وبينك إني ينازعني
فارفع بفضلك إنيي من البين
فهو يعاني من جراء شعوره بإنيته نزاعا نفسيا ممضا، ولا يخلو له صفاء التوحيد لعدم صفاء شهوده وفنائه؛ ولذلك يتضرع إلى الله أن يرفع الإن من البين، والإن هو الوجود الشخصي المتعين: الأنا. فهو لا يريد اثنينية الأنا والأنت، بل يريد حالا تفنى فيها الأنا وتبقى الأنت وحدها، أو بعبارة أدق: حالا تنمحي فيها التفرقة بينهما.
نامعلوم صفحہ