قوله: لا يجب صوم هذه الأيام- قلنا: لا نسلم، بل يجب وفاء بالنذر وإن كان ممنوعًا. ويجوز أن يكون الفعل واجبًا بمعنى استحقاق العقاب بتركه والشرع يمنع عنه لمانع، كالصلاة مع إنجاء الغريق وإنقاذ الحريق.
وبه خرج الجواب عن السؤال الذي يليه.
وأما قضاء صوم آخر، فلأنه وجب كاملًا فلا يجوز إدارة ناقصًا، / فإن صوم هذه الأيام وإن كان مشروعًا ولكنه ناقص لمكان النهي.
قوله: الصوم في هذه الأيام معصية- قلنا: نفس الصوم من حيث إنه صوم لا يكون معصية. وإنما العصيان غيره وهو ترك الإجابة، فصار كالصلاة في الأرض المغصوبة، فإنه يصح، وإن كان سببًا لمعصية.
وأما قوله: تمكنه من استيفاء المصلحة مع منع الشرع محال- قلنا: الشرع أطلق استيفاء المصلحة في الجملة، إلا أن المنع ههنا ثبت بحكم العارض.
وبه خرج الجواب عما ذكر من التناقض.
١٦ - مسألة: إذا أكل أو شرب في نهار رمضان عامدًا، تلزمه الكفارة
والوجه فيه- أن الكفارة في باب الوقاع تعلق وجوبها بجناية إفساد الصوم، وقد حصل إفساد الصوم بالأكل والشرب، فوجب القول بوجوب الكفارة.
وإنما قلنا ذلك- لأن المواقعة في نهار رمضان إنما كانت جناية من حيث إنها إفساد الصوم، لا من حيث إنها مواقعة الأهل، لأنه حلال، وإفساد الصوم ذنب، والحاجة مست إلى رفع الذنب، والشرع أوجب الكفارة في الوقاع، وإنها صالحة لرفع الذنب، لقوله تعالى: ﴿إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾، فغلب الظن أن الوجوب إنما كان لهذا.
1 / 37