وقال سامي بعد ريث تفكير: واحدة من اثنتين، إما أنها تعرف ولا تستطيع أن تصنع شيئا، وإما أنها لا تعرف، وحينئذ لن تستطيع أن تصنع شيئا أيضا. - أنت محق، فماذا ترى؟ - أرى أن نصبر حتى تتم هذا العام الدراسة في المدرسة الابتدائية، ونطلب إلى أبينا الذهاب إلى المركز للدراسة في الإعدادية. - وأنا ... ما زال أمامي عامان. - سأطلب من أبي أن نذهب أنا وأنت، فما دام سيفتح بيتا هناك، فمن الطبيعي أن يذهب كلانا. - معقول.
8
رحب مسعود الصاحب بأبناء بلدته، وأنزلهم أهلا، وحين تداولوا أمرهم معه أفسح لهم من الآمال ما لم يخطر لهم على بال. - توكلوا على الله، الصعيدي منا ينزل مصر لا يملك إلا صحته، ويعيش أحسن عيشة فكيف وأنتم تحملون ما تحملون من مال؟ - اسمع يا مسعود نحن لم نخرج من بلدتنا إلا هذه المرة. - أعرف ذلك. - ونحن نترك لك الأمر كله. - لنبدأ أولا بزواج صبيحة وشملول. - أترى هذا؟ - حتى يتاح لهما أن يعيشا معا، وزواجهما فرصة أن يعرفا أبناء بلدتهما، وتقول صبيحة: وكيف أتزوج قبل أن أعد المنزل؟
ويقول مسعود: سأترككم فترة صغيرة من الزمن لأهيئ لك ولزوجك المنزل.
ويقول صميدة: هل الأمر ميسور إلى هذا الحد؟
ويقول مسعود: هو أمر في غاية الصعوبة على جميع الناس إلا علينا نحن أبناء الصعيد، فنحن بيننا معاملات قوية، ومشكلة الفرد منا مشكلة الجميع. فاترك الأمر لي أدبره، ألا يكفيك حجرة بمنافعها؟
ويقول شملول: يا عم مسعود، إننا نبدأ حياة جديدة، والله وحده يعلم كم من الوقت سنقيم في هذا البيت، وأنت تعلم أننا إذا كنا اليوم نجد عطفا من أصدقائك، فسرعان ما نصبح منكم ونهتم معكم بمشاكل الآخرين، ويستعصي علينا أن نجد من يهتم بمشاكلنا، فكلما كان البيت متسعا كلما كان هذا أنسب، حجرة لا تصلح طبعا. وخاصة ومعنا الآن صميدة، ونحن ننتظر أخي محمود أيضا. - يا ابني كلامك معقول، ولكنني قدرت طبعا أن صميدة ومحمود سيعيشان في بيت آخر، إنما علينا أن نهيئ مكانا لأبنائكما، دع الأمر لي، سلام عليكم.
وحين عاد مسعود بعد ساعتين كان قد وطأ لهم كل العقبات، ووجد في روض الفرج شقتين. وما أن سمع ضيوفه هذا حتى شملهم الفرح والعجب معا، ولكن عجبهما زال حين عرفا أن العمارة لسليم الخشت، وهو من قرية الدميرة المجاورة لقريتهم، أثرى في العمل في سوق الفاكهة، وظل شديد الانتماء لقريته، والقرى المجاورة لها.
وانتقل الركب إلى البيتين الجديدين، وبدأ الجميع في الصباح يشترون الأثاث بصحبة مسعود، الذي كان على صلة وطيدة بكل متجر دخلوا إليه.
وما هي إلا ثلاثة أيام حتى كان البيتان صالحين للإقامة غاية الصلاحية، ولم يجد محمود صعوبة في الوصول إليهم.
نامعلوم صفحہ