طریق اخوان صفا
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
اصناف
الغنوصية مذهب فضفاض لا يقوم على أيديولوجيا دينية متحجرة، أو دوغما مذهبية. وقد بدأت بواكيره في الظهور مع مطالع القرن الأول الميلادي، بتأثير من الأفلاطونية الوسيطة، والتعاليم الهرمزية المنسوبة إلى هرمز المثلث العظمة،
3
وهذه التعاليم مبثوثة في ثماني عشرة رسالة تمثل نوعا من الغنوصية المبكرة، صاغها على ما يبدو عدد من المؤلفين المجهولين الذين ينتمون إلى أخوية روحية تشبه في تنظيمها جماعة إخوان الصفاء. ويظهر في هذه الرسائل الهرمزية عدد من الأفكار المؤسسة للغنوصية، وأهمها مثنوية الإنسان وانقسامه إلى جزء مادي وآخر روحي، حيث يمثل الجسد كل ما هو مادي ومظلم وفان، ويمثل العقل (الذي يتطابق مع الروح) كل ما هو نوراني وحقيقي وخالد، وهو الذي يقود في النهاية إلى الخلاص من سجن المادة، وتجسد فعالياته سعي الروح إلى الانعتاق، ودعوتها إلى العوالم النورانية العليا، إلى الله الذي تدعوه هذه النصوص بالأب الكلي.
جاءت تسمية الغنوصية
Gnosticism
من الكلمة اليونانية غنوص
Gnosis
التي تعني المعرفة الحدسية الباطنية، أو العرفان بمصطلح التصوف الإسلامي؛ فالعارفون هم الغنوصيون
Gnostics
الذين يتواصلون مع الحقيقة الكلية عن طريق بصيرتهم الداخلية، أما الآخرون فهم «غير العارفين» الذين يقفون عند ظاهر التعاليم الدينية، ولا ينفذون إلى حقيقتها الباطنية. فإذا كان الطريق إلى الجنة لدى اليهودية هو الالتزام بأحكام الشريعة، ولدى المسيحية هو الإيمان بيسوع المسيح، فإن الخلاص عند الغنوصية يتأتى عن طريق فعالية روحية داخلية تقود إلى معرفة النفس، وفي أعماق مستوياتها تقود إلى معرفة الله ذوقا وكشفا وإلهاما. هذه المعرفة هي التي تحرر الروح الحبيسة في إطار الجسد المادي والعالم المادي الأوسع، لتعود إلى مصدرها حيث كانت قبل الهبوط.
نامعلوم صفحہ