أقوال الطوائف في هذا الباب، وانتهى إلى نهاية مرامهم ونهاية إقدامهم" (٩٠٢).
هكذا في فصل التوكل ختم بيانه لسرّ الاقتران بين التوكل والهداية والحق في القرآن الكريم بقوله: "فتدبّر هذا السر العظيم في اقتران التوكل والكفاية بالحق والهدى، وارتباط أحدهما بالآخر. ولو لم يكن في هذه الرسالة إلّا هذه الفائدة السَّرِيَّة لكانت حقيقة أن توح في خزانة القلب لشدة الحاجة إليها" (٥٦١).
والمباحث التي وردت في غضون الكلام استطرادًا، قد نبّه المؤلف ﵀ على أن أهميتها هي التي اقتضت تناولها، بل كان بعض المباحث المعترضة أهم من المبحث الأصلي. فقال في موضع: "ولولا أن هذه المواضع أهم مما كلامنا بصدده -من ذكر مجرد الطبقات- لم نذكرها، ولكنها من أهم المهم" (٨١١). ولما عاد إلى المقصود بعد بسط الكلام على آيات الإنفاق من سورة البقرة قال: "ولنعد إلى المقصود، فإن هذا من سعي القلم، ولعله أهم مما نحن بصدده" (٨٢٤).
ولقد أحسن المصنف ﵀ إذ توقف عند هذه المباحث المهمة وتناولها بالبسط، فهذا الاستطراد ينفع القارئ بعض الأحيان نفعًا عظيمًا. فقد حفظ بفضله كلام شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهما في كثير من المسائل العظيمة.
ومع ذلك لا يظن القارئ أن المؤلف ﵀ كان زمامه بيد الاستطراد يقوده أنّى شاء. فإذا كانت المسألة تقتضي كلامًا مستفيضًا متشعبًا يكتفي المؤلف بالإشارة إليه ولا يخوض فيه. ومن ذلك أنه لما
المقدمة / 38