قواعد لطيفة تراوح حجمها بين ٦ أسطر و٢٢ صفحة. والقواعد التسع وقعت بين فصلين استغرق أحدهما ١٠٤ صفحة والآخر ١٧٠ صفحة. وتحت كل فصل وقاعدة -إلّا القواعد القصار- فصول كثيرة تطول أو تقصر حسب مقتضى الكلام.
هذا البناء العام للكتاب قد انطوى على عدد كبير من المباحث العظيمة والمطالب الشريفة والمسائل المشكلة، يستحق بعضها أن يفرد بالتأليف، وبعضها إذا استخرج من هذا الكتاب صار رسالة مستقلة في موضوعها. ونشير هنا بصفة خاصة إلى مبحثين عظيمين، قد وردا في الظاهر عرضًا، ثم استتبع الكلام عليهما مسائل أخرى، وسيقف القارئ من خلال عرضهما على بعض طرائق المؤلف ﵀ في التأليف.
١ - مبحث في القضاء والقدر:
هذا المبحث الذي جاء استطرادًا استغرق نحو ٢١٠ صفحة (١٣٧ - ٣٤٦)، ومن المعلوم أن للمؤلف كتابًا مفردًا في هذا الموضوع كما سبق، ولكن الظاهر أنّه لم يكن ألفه إلى ذلك الحين، وإلّا لأحال عليه، وأوجز الكلام على المسألة حسب الاقتضاء. فلننظر كيف تطرق الحديث إلى هذا الموضوع؟
ذكر المؤلف في أحد فصول القاعدة الأولى أن الإنسان ليس عالمًا بمصلحته ولا قادرًا عليها، واللَّه تعالى هو الذي يعلم ويقدر، ويحب الجود والبذل، ويعطي من فضله لا لمعاوضة ولا لمنفعة، فإذا حبس فضله عن الإنسان فهناك أمران لا ثالث لهما. وذكر الأمر الأول وهو أن يكون الإنسان نفسه واقفًا في طريق مصالحه ومعوقًا لوصول فضله إليه. فإن نعمة اللَّه لا تنال إلا بطاعته ولا تستدام إلا بشكره، فآفته من نفسه
المقدمة / 27