٦٥ - والقلب خُلق يُحب الحق ويريده ويطلبه، فلما عرضت له إرادة الشر طلب دفع ذلك، فإنه يفسد القلب، كما يفسد الزرع بما ينبت فيه من دغل.

٦٦ - ومطالب النفوس وأغراضها نوعان:

منها: ما هو محتاج إليه كما يحتاج إلى طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك، فهذا يطلبه من الله ويرغب إليه، فيكون المال عنده يستعمله في حوائجه بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، بل بمنزلة الكنيف الذي يقضي حاجته فيه، من غير أن يستعبده فيكون هلوعاً، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ^{(سورة المعارج، الآية: ٢٠، ٢١)}.

ومنها: ما لا يحتاج إليه العبد. فهذا لا ينبغي له أن يعلِّق قلبه (به). فإذا تعلّق قلبه (به) كان مستعبداً (له)، وربما صار معتمداً على غير الله (فيه)، فلا يبقى معه حقيقة العبادة، ولا حقيقة التوكُّل عليه، بل فيه شُعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غير الله.

٦٧ - وحقيقة الجهاد: الاجتهاد في حصول ما يحبّه الله من ((الإيمان)) والعمل الصَّالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان.

٦٨ - وكلما قويت المحبة في القلب، طلب فعل المحبوبات. فإذا كانت المحبة تامة، استلزمت إرادة جازمة في حصول المحبوبات. فإذا كان العبد قادراً عليها حَصَّلها، وإن كان عاجزاً عنها ففعل ما يقدر عليه من ذلك، كان له كأجر الفاعل.

٦٩ - إذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد، كان دليلاً على ضعف محبة الله ورسوله في قلبه.

٧٠ - كلما ازداد القلب حباً لله، ازداد له عبودية وحرية عما سواه. وكلما ازداد له عبودية، ازداد له حباً وحرية عما سواه.