كاد نبأ الحادث يتصل بالإمام حتى خرج من موضعه إلى موضع يقال له مشوط لبني ربيعة ، وذلك آخر يوم من رمضان ، وأرسل الصوارخ في الناس ، فاجتمعوا إليه لثلاث خلون من شوال ، وأجمع أمرهم على منازلة الدعام ومحاربته ليذوق وبال أمره ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) فصار الإمام الهادي بجموعه إلى اثافت وجرت بينه وبين أصحاب الدعام معركة حامية الوطيس ، ثبت فيها الإمام ثبات الأطواد الشوامخ ، وأظهر من شجاعته واقدامه ما حير الكماة ، وقهر الأبطال قال مصنف سيرته (1) حدثني سعيد بن ابي سورة وهو مع الدعام وكان من فرسان اليمن المعدودة ، قال انتخبت من عسكر الدعام ثلاثين فارسا من الرجال أهل البأس وقد مارست الشجعان فما رأيت مثل وقوف الهادي إلى الحق وقلة مبالاته بنا : ودامت المعركة سحابة ذلك اليوم ، إلى أن حجز الليل بين الفريقين فانصرف كل فريق إلى معسكره ، وظل جيش الإمام يراوح من باثافت القتال ويغاديهم حتى سئموا وملوا واضناهم الحصار ، والبرد وانقطاع المدد فخرج الدعام متسللا منها إلى خيوان لأربع بقين من ذي القعدة وهو يدعو بالويل والثبور على من الجأه لحرب الإمام (على نفسه يجني الجهول ويجرم) ولله القائل :
لا تنبش الشر فتبلى به
فقلما تسلم من نبشه
وقد كان بعض أهل خيوان يكاتبه ويسأله المصير إليهم رغبة في إثارة الفتنة ، وإضرام نيران الخلاف ، ولما خرج الدعام من أثافت ، بادر بعض جند الإمام ، ودخل القرية ونهب ما بقي فيها والإمام لم يزل بعسكره ، ولما بلغه خبر النهب والاحتلال اغتم غما شديدا وقال : (لو لا اني اخاف ضيعة الإسلام لما أقمت باليمن ولمضيت إلى بلدي فما احسب أن هؤلاء يحل
صفحہ 86