عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
اصناف
هو الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي الهاشمي، عليه السلام، وأمه السيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف (رضي الله عنها)، كانت من السابقات إلى الإسلام، وهي التي ربت النبي
صلى الله عليه وسلم
وتعهدت برعايته لما كفله أبو طالب، وقد ولدت لأبي طالب خمسة أولاد: طالبا، وعقيلا، وجعفرا، وعليا، وأم هانئ، وتوفيت بالمدينة، وشهد موتها الرسول الأعظم، وتولى دفنها وأشعرها قميصه، واضطجع في قبرها وبكى عليها وقال: جزاك الله من أم خيرا؛ فقد كنت أحسن خلق الله صنيعا إلي بعد أبي طالب وأمي رحمها الله ورضي عنها.
ولدت هذه السيدة الجليلة عليا قبل الهجرة بإحدى وعشرين سنة في الكعبة، وقال الذين وصفوه: كان علي ربعة من الرجال، أدعج العينين عظيمهما، حسن الوجه كأنه قمر ليلة البدر، عظيم البطن، عريض المنكبين، له مشاش كمشاش السبع الضاري، لا تبين عضده من ساعده، أدمج إدماجا، شثن الكفين، عظيم الكراديس، أغيد كأن عنقه إبريق فضة، أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه، كثير شعر اللحية أبيضها، لا يصبغها، وكان إذا مشى تكفأ، وإذا سار إلى الحرب هرول، وكان قويا؛ ما صارع أحدا قط إلا صرعه.
1
وكان علي هاشمي الأبوين، فورث عن بني هاشم كثيرا من صفاتهم المعروفة بهم من نبل.
وقد سمته أمه حيدرة، وهو الأسد، تشبها له بأبيها وتأسيا باسمه، ثم رأى أبوه أن يغير الاسم فسماه عليا، وعرف بالاسمين معا، ولكنه اشتهر بالثاني.
تربى علي في بيت النبي الكريم؛ فقد روى المؤرخون أن أبا طالب كان رقيق الحال ذا عيال، وأن النبي أراد أن يفي عمه أبا طالب ببعض حقه حين كفله وهو صغير، فطلب إلى عمه أن يربي عليا في بيته، فقبل أبو طالب، ونشأ علي في حضانة النبي ورعايته، فعلمه الرسول مكارم الأخلاق، وخرجه أفضل تخريج، ولما ابتعث الله نبيه محمدا كان علي من أوائل من أسلموا، وقد اختلف المؤرخون في سن علي وقت إسلامه، وقد أحصى ابن عبد البر روايات المؤرخين في ذلك فإذا هي خمس، أولها: رواية أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن الذي يقول إنه والزبير أسلما وهما ابنا ثماني سنين، والثانية: رواية ابن إسحاق، وهي أنه أسلم وله عشر سنين، والثالثة: رواية عبد الله بن عمر، وهي أنه أسلم وله ثلاث عشرة سنة، والرابعة والخامسة: هما روايتا الحسن الذي يتردد بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة.
2
وأقرب هذه الروايات إلى الصحة هي رواية المؤرخ ابن إسحاق؛ لأنها الأشهر والأقرب إلى تسلسل الحوادث التاريخية، وابن إسحاق أعلم بالنواحي التاريخية من غيره، وهو حجة ثقة في أخبار السيرة النبوية وحوادث كبار رجالات الإسلام. قال ابن حجر في الإصابة: «أبو الحسن أول الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم، ولد قبل الهجرة بعشر سنين على الصحيح.»
نامعلوم صفحہ