عصر انحطاط: تاریخ امت عرب (حصہ ششم)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
اصناف
تدخل الخلافة تدخلا عمليا في عقائد الناس ومحاسبتهم عليها، والتضييق على من يعلن زندقة أو هرطقة أو انحرافا عن المذهب الرسمي للدولة وهو الإسلام وطريقة أهل السنة والجماعة، وخاصة حين أخذ المهدي والهادي يضيقان على الناس في محاسبتهم على عقائدهم، أو حين أخذ المأمون يحاسب الناس على عدم اعتناق مذهب المعتزلي القائل بخلق القرآن وغير ذلك، وبإنشاء «ديوان المحنة» لامتحان من أنكر تلك العقيدة. (9)
تبدل المجتمع الإسلامي من مجتمع زراعي وتجاري ساذج إلى مجتمع زراعي وتجاري معقد، ووجود طبقة أرستقراطية مالية، سواء أكان أهلها عربا أو موالي، وقد أحست الطبقات الفقيرة العاملة، من موالي وعرب، بالبؤس المحيط بها من جهة، كما أحس الأغنياء، من موالي وعرب بوجوب اتحادهم حماية لمصالحهم؛ فلذلك حصلت التكتلات من الجانبين، وكان لهذه التكتلات أثرها الواضح في الحركات العقلية والاجتماعية التي ترمي إلى توحيد أهداف المتذمرين على اختلاف نحلهم وعقائدهم وعناصرهم. (10)
تعقد الحياة، وظهور المغالاة في كل شيء من نواحيها؛ فبعد أن كانت في العصر الأموي عربية ساذجة، تعقدت في العصر العباسي جدا وبدا الغلو في كل شيء.
ولقد كان من نتائج هذه الأسباب أن نشأت في البيئة الإسلامية فئة من الرجال اتخذت ذلك ذريعة للقيام بحركة سترتها بفكرة «الانتصار لحق آل علي» واتخذتها وسيلة للدعاية لفكرتها، وقد اتخذ هؤلاء الرجال مدينة الكوفة مقرا لبذر فكرتهم؛ لأنها كانت مركزا فكريا وسياسيا تجمعت فيه الثقافات القديمة من كل صوب، وكل نوع، ولأنها كانت مقر نفر من الأئمة العلويين الذين أحيطت أسماؤهم بكثير من الروايات المتعلقة بمثل هذه الحركات في القديم، ويظهر أنه يمكن تقسيم العلويين الذين قامت حولهم هذه الحركات إلى فريقين: (1) فريق الحنفية. (2) فريق الحسنية والحسينية.
أما الحنفية:
فنسبتها إلى الإمام محمد بن الإمام علي (عليه السلام) المعروف بابن الحنفية، ويذكر المؤرخون وأرباب الفرق أن المختار الثقفي حين قام بحركته الثورية في الكوفة سنة 66ه/685م ادعى أن ابن الحنفية هو «المهدي المنتظر»، وعلى الرغم من القضاء على المختار وموت ابن الحنفية؛ فإن الحركة الشيعية المهدية الحنفية انتشرت بسرعة بعدهما وانقسم أربابها بعدها فرقا ثلاثا، قالت «أولاها» إن الإمام لم يمت بل اختفى، وإنه سيعود ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وقالت «الثانية»: إنه عهد إلى ابنه أبي هاشم للأمر من بعده، ثم انقسموا إلى فرق؛ «فرقة» قالت إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه علي بن محمد، وإن عليا هذا أوصى بالإمامة إلى بني العباس. و«فرقة» قالت إنه أوصى إلى عبد الله بن معاوية من آل علي. وقد اختفت الحركة الحنفية وأربابها بعد أن سيطر العباسيون على الحكم لأنهم ضيقوا عليهم وخنقوا أصواتهم.
وأما الحسنية، الحسينية:
فنسبتها إلى الإمامين «الحسن» و«الحسين» ابني علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد ثار من ذريتهما جماعات على الخلافة منهم: زيد بن علي المعروف بزين العابدين، وولداه يحيى وعيسى من أئمة الفرقة الزيدية التي ما تزال في اليمن، ومنهم محمد بن علي بن زين العابدين، الذي نادى بنفسه إماما وتبعته جماعات، منهم أبو منصور العجلي زعيم الفرقة المنصورية التي لاحقها يوسف بن عمر الثقفي، وقتل زعيمها أبا منصور سنة 125ه، ولما مات الباقر افترق أتباعه إلى فرق لا مجال لتعدادها، ومنهم محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي المعروف بذي النفس الزكية الذي أعلن أنه هو المهدي، ولم تكن سنه يومئذ تجاوز التاسعة عشرة، وقد حبذ له هذه الدعوة المغيرة بن سعيد العجلي ، ولما مات محمد ادعى المغيرة أنه قد غاب وأنه سيرجع، وقد كذبه الإمام جعفر الصادق ورفض هو وأتباعه مؤازرة الداعين إلى هذه الفكرة وقالوا إن الإمامة لجعفر، وكان من أبرز أتباعه رجل اسمه أبو الخطاب أو محمد بن أبي الخطاب، مؤسس الفرقة الخطابية، والتي تعتبر أول حركة باطنية قوية، وقد كان أبي الخطاب داعية لمحمد الباقر ثم لجعفر الصادق، وقد غلا في دعوته لهما، وزعم أن جعفرا قد جعله وصيه من بعده، ثم زعم أنه (أي جعفر) إله ونبي، فأحل المحارم، وقال بالتقية وأول آيات القرآن، فقال: إن الجنة والنار والصلاة والصوم ما هي إلا أسماء رجال بعينهم، وقال بنظرية «النور» و«التناسخ»، ولما قتل ابن أبي الخطاب سنة 138 تحول أصحابه إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، حتى تبرأ جعفر الصادق من ابنه إسماعيل ومن أبي الخطاب
8
ولما مات جعفر الصادق سنة 148 انقسم أصحابه إلى ثلاث فرق: (1)
نامعلوم صفحہ