206
أمريكيون
616
أخلاط
997
51225
مدينة جوهانسبرج سنة 1882.
أحد شوارع مدينة جوهانسبرج سنة 1896.
ومن هذا الإحصاء يعلم أن العنصر الإنكليزي أكثر من سائر العناصر الموجودة فيها، وللإنكليز أكثر الأملاك وأكبر موارد الثروة. وقد بلغ تعداد السكان لغاية 1899 «150000 نفس». والداخل إلى جوهانسبرج يرى بأجلى بيان أنها مدينة صناعية محض، لا تختلف في هيئتها عن المدن الأوروبية. ومداخن الفوريقات مرتفعة في الجو، تقذف الدخان من أفواهها، فيتصاعد في الهواء ويذوب فيه، ويطير في الهواء تراب ناعم فيلتصق بالوجه والشفتين والحدق، وهذه الأتربة هي التي تتصاعد من خمسة آلاف طاحونة معدة لسحق الأحجار المتحد بها الذهب. وفي شوارع المدينة أعمدة ثخينة يحمل بعضها الأسلاك البرقية، والبعض يحمل أسلاك الكهربائية، التي يسير بها التراموي، وفي المدينة جملة كنائس للمسيحيين على اختلاف مذاهبهم، وشركتان إحداهما لتوزيع الماء والثانية للغاز. ويصدر فيها يوميا ثلاث جرائد تطبع فيها. وفيها تياترو وقهوة كبيرة عمومية، يؤمها الصناع زمرا حينما تسمح لهم الفرص بعد الفراغ من أشغالهم. وفيها ما عدا ذلك من القهاوي الصغيرة والكلوبات والملاهي شيء كثير. ومما يقضي بالعجب والدهشة أن المدينة بلغت هذه الدرجة في نحو خمسة عشر عاما مضت من تاريخ تأسيسها. ومع كثرة قاصديها من كل فج للانتفاع بكنوزها، فهي لا تضيق بهم ذرعا؛ لكثرة الأشغال العظيمة فيها وأرباحها الجسيمة التي لم يؤثر فيها غلاء الأثمان وارتفاع أجور المنازل؛ فأقل منزل فيها لا يمكن استئجاره بأقل من ثلاثين جنيها في الشهر الواحد، وثمن أي مشروب في القهاوي لا يقل عن خمسة غروش، ولو كان فنجانا من القهوة. وبالجملة فإن مكاسبها عظيمة جدا، تكفي لهذه النفقات، ويتوفر منها مبلغ جسيم. والدليل على ذلك ما نراه من عظم ثروة الإنكليز وغيرهم، الذين ذهبوا إلى هذه البلاد النائية فقراء لا يملكون شروى نقير، وعادوا إلى بلادهم وثروتهم تقدر بالملايين.
ومما يروى من هذا القبيل أن إيطاليا أتى هذه المدينة في سنة 1889 واستخدم في إحدى القهاوي، ولما رأى رواج أشغال الذهب شمر عن ساعد الجد، وصار يسعى في جمع الثروة من هذه المهنة، تاركا القهوة لأصحابها، وبعد ثمان سنوات رجع إلى بلاده ومعه من الثروة ما ينوف عن خمسة ملايين من الفرنكات. وأمثاله كثير ممن يهاجرون إلى هذه البلاد ذات المناجم الذهبية، وقد قدر الذهب المستخرج منها في تسع سنوات ابتداؤها سنة 1887 «322518 كيلوجراما». وقد اتفق الجيولوجيون أنه إذا حفر في الأرض منجم على عمق ثمانمائة متر يستخرج منه من الذهب ما لا تقل قيمته عن عشرة مليارات من الفرنكات، وإذا حفر على عمق ألف ومائتي متر يستخرج منه ما يساوي سبعة عشر مليارا من الفرنكات، وقس على ذلك.
نامعلوم صفحہ