تاريخ ترجمہ
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
اصناف
وبعد عام آخر عقد امتحان ثان فوفق فيه كما وفق في سابقه، وكانت جائزته في هذه المرة كتابين من تأليف المستشرق الفرنسي «دي ساسي»، وهما: «الأنيس المفيد للطالب المستفيد»، و«جامع الشذور من منظوم ومنثور».
130
وفي باريس اتصل الشيخ رفاعة بكبار المستشرقين الفرنسيين، وخاصة المسيو «سلفستر دي ساسي»، و«المسيو كوسان دي برسيفال»، ونشأت بينه وبين هذين العالمين صداقة متينة وكان كل منهما يقدر جهد الشيخ التلميذ وعلمه، وقد تبودلت بينه وبينهم كثير من الرسائل أثبت بعضها رفاعة في رحلته، وقد أطلعهما قبيل سفره على مخطوطة رحلته فأعجبا بها، وكتبا عنها تقريظا، وأرسل كل منهما - للمسيو «جومار» بصفته مدير البعثة - خطابا كله ثناء وتقريظ لرفاعة وكتابه. قال «دي ساسي»: «إن مسيو رفاعة أحسن صرف زمنه مدة إقامته في فرنسا، وأنه اكتسب فيها معارف عظيمة، وتمكن منها كل التمكن، حتى تأهل لأن يكون نافعا في بلاده، وقد شهدت له بذلك عن طيب نفس وله عندي منزلة عظيمة ومحبة جسيمة.»
131
وقال «دي برسيفال»: «إن هذا التأليف (الرحلة) يستحق كثيرا من المدح، وإنه مصنوع على وجه يكون به نفع عظيم لأهالي بلد المؤلف؛ فإنه أهدى لهم نبذات صحيحة من فنون فرنسا، وعوائدها، وأخلاق أهلها، وسياسة دولتها، ولما رأى أن وطنه أدنى من بلاد أوروبا في العلوم البشرية، والفنون النافعة، أظهر التأسف على ذلك، وأراد أن يوقظ بكتابه أهل الإسلام، ويدخل عندهم الرغبة في المعارف المفيدة، ويولد عندهم محبة تعلم التمدن الإفرنجي والترقي في صنايع المعاش، وما تكلم عليه من المباني السلطانية والتعليمات وغيرها، أراد أن يذكر به لأهالي بلده أنه ينبغي لهم تقليد ذلك، وما نظر فيه في بعض العبارات على سلامة عقله، وخلوه من التعسف والتحامل، وعبارة هذا الكتاب بسيطة، أي غير متكلف فيها التنميق ومع ذلك فهي لطيفة ... إلخ.»
132
وبعد خمس سنوات عقد لرفاعة الامتحان النهائي، فجمع المسيو «جومار» مجلسا فيه عدة أناس مشاهير، ومن جملتهم وزير التعليمات الموسقوبي رئيس الامتحان،
133
يقول رفاعة: «وكان القصد بهذا المجلس معرفة قوة الفقير في صناعة الترجمة التي اشتغلت بها مدة مكثي في فرنسا.»
133
نامعلوم صفحہ